تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{۞إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ} (22)

20

22 – { إن شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } .

الدواب : واحدها : دابة ، وهي كل ما دب على الأرض كما قال : { والله خلق كل دابة من ماء } . وقل أن يستعمل الإنسان بل الغالب أن يستعمل في الحشرات ودواب الركوب ، فإذا استعمل فيه كان ذلك في موضع الاحتقار ، أي : أن شر ما دب على الأرض في حكم الله وقضائه هم الصم الذين لا يصغون بأسماعهم ليعرفوا الحق ويعتبروا بالموعظة الحسنة ، فهم بفقدهم لمنفعة السمع كانوا كأنهم فقدوا حاسته ، والبكم الذين لا يقولون الحق ، ومن ثم كانوا كأنهم فقدوا النطق ، الذين لا يعقلون الفرق بين الحق والباطل والخير والشر ، إذ هم لو عقلوا لطلبوه واهتدوا إلى ما فيه المنفعة والفائدة لهم ، كما قال : { إن ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } . ( ق : 37 ) .

والخلاصة : أنهم حين فقدوا منفعة السمع والنطق والعقل كانوا كأنهم فقدوا هذه المشاعر والقوى ، بأن خلقوا خداجا ناقصي هذه المشاعر ، أو طرأت عليهم آفات أذهبت هذه القوى بل هم شر منهم ؛ لأن هذه المشاعر خلقت لهم فأفسدوها ، إذ لم يستعملوها فيما خلقت لأجله حين التكليف .