اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ} (22)

قوله : { إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله الصم البكم الذين لاَ يَعْقِلُونَ } .

قيل : شبَّههم بالدَّواب لجهلهم ، وعدولهم عن الانتفاعِ بما يسمعونه وبما يقولونه ، ولذلك وصفهم بالصُّمِّ والبكم ، وبأنهم لا يعقلون .

وقيل : سمَّاهم دواباً لقلة انتفاعهم بعقولهم كما قال : { أولئك كالأنعام بَلْ هُمْ أَضَلُّ } [ الأعراف : 179 ] .

قال ابن عبَّاسٍ : هم نفرٌ من عبد الدار بن قصي كانوا يقولون نحن صمٌّ بكم عمي عمَّا جاء به محمَّد ؛ فقتلوا جميعاً بأحدٍ وكانوا أصحاب اللِّواء ، ولم يسلم منهم إلاَّ رجلان : مصعب بن عمير ، وسويد بن حرملة{[17249]} .

وقيل : بل هم من الدَّواب ؛ لأنه اسم لما يدبّ على الأرض ولم يذكره في معرض التَّشبيه ، بل وصفهم بصفة تليقُ بهم على طريق الذَّمِّ ، كما يقال لمن لا يفهم الكلام : هو شبحٌ وجسد وطلل على طريقة الذمّ .

وإنمَّا جُمع على جهة الذَّم وهو خبر " شَرّ " لأنه يُراد به الكثرةُ ، فجمع الخبر على المعنى . ولو كان الأصم لكان الإفرادُ على اللَّفظ ، والمعنى على الجمع .

قوله : { الذين لاَ يَعْقِلُونَ } يجوز رفعه أو نصبه على القطع .


[17249]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (6/210) والبخاري (8/158) كتاب التفسير: باب إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون حديث (4646) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3/319) وزاد نسبته إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس.