تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (35)

{ 35 - 36 } { يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

لما أخرج اللّه بني آدم من الجنة ، ابتلاهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب عليهم يقصون عليهم آيات اللّه ويبينون لهم أحكامه ، ثم ذكر فضل من استجاب لهم ، وخسار من لم يستجب لهم فقال : { فَمَنِ اتَّقَى } ما حرم اللّه ، من الشرك والكبائر والصغائر ، { وَأَصْلَحَ } أعماله الظاهرة والباطنة { فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } من الشر الذي قد يخافه غيرهم { وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما مضى ، وإذا انتفى الخوف والحزن حصل الأمن التام ، والسعادة ، والفلاح الأبدي .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (35)

الآن بعد تلك الوقفة الطويلة للتعقيب على قصة النشأة الأولى ؛ ومواجهة واقع الجاهلية العربية - وواقع الجاهلية البشرية كلها من ورائها - في شأن ستر الجسم باللباس وستر الروح بالتقوى ؛ وعلاقة القضية كلها بقضية العقيدة الكبرى . .

الآن يبدأ نداء جديد لبني آدم . . نداء بشأن القضية الكلية التي ربطت بها قضية اللباس في الوقفة السابقة . . قضية التلقي والاتباع في شعائر الدين وفي شرائعه ، وفي أمر الحياة كلها وأوضاعها . وذلك لتحديد الجهة التي يتلقون منها . . إنها جهة الرسل المبلغين عن ربهم . وعلى أساس الاستجابة أو عدم الاستجابة للرسل يكون الحساب والجزاء ، في نهاية الرحلة التي يعرضها السياق في هذه الجولة :

( يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي ، فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) .

هذا هو عهد الله لآدم وبنيه ، وهذا هو شرطه في الخلافة عنه - سبحانه - في أرضه التي خلقها وقدر فيها أقواتها ، واستخلف فيها هذا الجنس ، ومكنه فيها ، ليؤدي دوره وفق هذا الشرط وذلك العهد ؛ وإلا فإن عمله رد في الدنيا لا يقبله ولا يمضيه مسلم لله ؛ وهو في الآخرة وزر جزاؤه جهنم لا يقبل الله من أصحابه صرفاً ولا عدلاً .

( فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .

لأن التقوى تنأى بهم عن الآثام والفواحش - وأفحش الفواحش الشرك بالله واغتصاب سلطانه وادعاء خصائص ألوهيته - وتقودهم إلى الطيبات والطاعات ؛ وتنتهي بهم إلى الأمن من الخوف والرضى عن المصير .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَقُصُّونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِي فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (35)

{ يا بني آدم أما يأتينكم رسل منكم يقصّون عليكم آياتي } شرط ذكره بحرف الشك للتنبيه على أن إتيان الرسل أمر جائز غير واجب كما ظنه أهل التعليم ، وضمت إليها ما لتأكيد معنى الشرط ولذلك أكد فعلها بالنون وجوابه : { فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } .