تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ} (33)

{ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ } وهي السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة ، وهذا يدل على أن النار مظلمة ، لهبها وجمرها وشررها ، وأنها سوداء ، كريهة المرأى{[1327]} ، شديدة الحرارة ، نسأل الله العافية منها [ من الأعمال المقربة منها ] .


[1327]:- في ب: كريهة المنظر.

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ} (33)

انطلقوا . وإنكم لتعرفون إلى أين ! وتعرفونها هذه التي تنطلقون إليها . فلا حاجة إلى ذكر اسمها . . ( إنهاترمي بشرر كالقصر . كأنه جمالة صفر ) . . فالشرر يتتابع في حجم البيت من الحجر . [ وقد كان العرب يطلقون كلمة القصر على كل بيت من حجر وليس من الضروري أن يكون في ضخامة ما نعهد الآن من قصور ] فإذا تتابع بدا كأنه جمال صفر ترتع هنا وهناك ! هذا هو الشرر فكيف بالنار التي ينطلق منها الشرر ? !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ} (33)

{ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ } أي : كالإبل السود . قاله مجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك . واختاره ابن جرير .

وعن ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير : { جِمَالَةٌ صُفْرٌ } يعني : حبال السفن . وعنه -أعني ابن عباس - : { جِمَالَةٌ صُفْرٌ } قطع نحاس{[29632]} .

وقال البخاري : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى ، أخبرنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن عابس قال : سمعت ابن عباس : { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ } قال : كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوق ذلك ، فنرفعه للشتاء ، فنسميه القَصَرَ ، { كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ } حبال السفن ، تجمع حتى تكون كأوساط الرجال{[29633]} ،


[29632]:- (1) في م: "النحاس".
[29633]:- (2) صحيح البخاري برقم (4933).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَأَنَّهُۥ جِمَٰلَتٞ صُفۡرٞ} (33)

وقوله : { كأنه جِمالات صفر } تشبيه له في حجمه ولونه وحركته في تطايره بجمالات صفر . وضمير { كأنه } عائد إلى شرر .

والجِمالات : بكسر الجيم جمع جِمالة ، وهي اسم جمع طائفة من الجمال ، أي تُشبه طوائف من الجمال متوزعة فرقاً ، وهذا تشبيه مركب لأنه تشبيه في هيئة الحجم مع لونه مع حركته . والصُفرة : لون الشرر إذا ابتعد عن لهيب ناره .

وقرأ الجمهور { جِمالات } بكسر الجيم وألف بعد اللام فهو جمع جمالة . وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلفٌ { جِمالة } بكسر الجيم بدون ألف بعد اللام وهو جمع جَمَل مثل حَجَر وحِجَارة .

وقرأه رُويس عن يعقوب { جُمالات } بضم الجيم وألف بعد اللام جمع جُمالة بالضم وهي حبل تشدّ به السفينة ، ويُسمى القَلْس ( بقاف مفتوحة ولام ساكنة ) والتقدير : كأنّ الواحدة منها جُمالة ، و { صفر } على هذه القراءة نعت ل { جمالات } أو ل ( شرر ) .

قال صاحب « الكشاف » : وقال أبو العلاء ( يعني المعري ) في صفة نار قوم مدحهم بالكرم :

حَمْرَاءَ ساطعةَ الذوائب في الدُّجَى *** ترمي بكُل شَرارة كطِرَاف

شبه الشرارة بالطراف وهو بيت الأدم في العظم والحمرة وكأنّه قصد بخبثه أن يزيد على تشبيه القرآن ولتبَجحه بما سُوِّل له من توهم الزيادة جاء في صدر بيته بقوله : « حَمْراء » توطئةً لها ومناداة عليها وتنبيهاً للسامعين على مكانها ، ولقد عَمِي جمع الله له عَمَى الدارين عن قوله عز وعلا : { كأنَّه جمالات صفر } فإنه بمنزلة قوله كبيتتٍ أحمر وعلى أن في التشبيه بالقصر وهو الحصن تشبيهاً من جهتين من جهة العظم ومن جهة الطول في الهواء فأبْعَدَ الله إغرابه في طِرافه وما نفخ شدقيه من استطرافه اه .

وأقول : هذا الكلام ظن سوء بالمعري لم يُشمَّ من كلامه ، ولا نسبه إليه أحد من أهل نبزه وملامه ، زاد به الزمخشري في طنبور أصحاب النقمة ، لنبز المعري ولمزه نغمة .

قال الفخر : كانَ الأولى لصاحب « الكشاف » أن لا يذكر ذلك ( أي لأنه ظن سوءاً بلا دلِيل ) .

وقال الطيبي : وليس كذلك لأنه لا يخفى على مثل المعري : أن الكلام بآخره لأن الله شبّه الشرارة : أولاً حين تنفصل عن النار بالقصر في العظم ، وثانياً حين تأخذ في الارتفاع والانبساط فتنشقّ عن أعداد لا نهاية لها بالجمالات في التفرق واللون والعِظَم والثقل ، ونُظر في ذلك إلى الحيوان وأن تلك الحركات اختيارية وكل ذلك مفقود في بيته .