تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡۖ فَكَيۡفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (93)

فحين هلكوا تولى عنهم نبيهم شعيب عليه الصلاة والسلام { وَقَالَ ْ } معاتبا وموبخا ومخاطبا بعد موتهم : { يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي ْ } أي : أوصلتها إليكم ، وبينتها حتى بلغت منكم أقصى ما يمكن أن تصل إليه ، وخالطت أفئدتكم { وَنَصَحْتُ لَكُمْ ْ } فلم تقبلوا نصحي ، ولا انقدتم لإرشادي ، بل فسقتم وطغيتم .

{ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ْ } أي : فكيف أحزن على قوم لا خير فيهم ، أتاهم الخير فردوه ولم يقبلوه ولا يليق بهم إلا الشر ، فهؤلاء غير حقيقين أن يحزن عليهم ، بل يفرح بإهلاكهم ومحقهم . فعياذا بك اللهم من الخزي والفضيحة ، وأي : شقاء وعقوبة أبلغ من أن يصلوا إلى حالة يتبرأ منهم أنصح الخلق لهم ؟ " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡۖ فَكَيۡفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (93)

59

ويطوي صفحتهم مشيعة بالتبكيت والإهمال ، والمفارقة والانفصال ، من رسولهم الذي كان أخاهم ، ثم افترق طريقه عن طريقهم ، فافترق مصيره عن مصيرهم ، حتى لم يعد يأسى على مصيرهم الأليم ، وعلى ضيعتهم في الغابرين :

( فتولى عنهم ، وقال : يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم ، فكيف آسى على قوم كافرين ؟ ) .

إنه من ملة وهم من ملة . فهو أمة وهم أمة . أما صلة الأنساب والأقوام ، فلا اعتبار لها في هذا الدين ، ولا وزن لها في ميزان اللّه . . فالوشيجة الباقية هي وشيجة هذا الدين ، والارتباط بين الناس إنما يكون في حبل اللّه المتين . .

انتهى الجزء الثامن ويليه الجزء التاسع مبدوءاً بقوله تعالى : ( قال الملأ الذين استكبروا )

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡۖ فَكَيۡفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (93)

أي : فتولى عنهم " شعيب " عليه السلام بعد ما أصابهم ما أصابهم من العذاب والنقمة والنكال ، وقال مقرعًا لهم وموبخًا : { يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ } أي : قد أديتُ إليكم ما أُرْسِلْت به ، فلا أسفة عليكم وقد كفرتم بما جئتم به ، ولهذا{[11975]} قال : { فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ } ؟ .


[11975]:في د: "فلهذا".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡۖ فَكَيۡفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ} (93)

وقوله : { يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي } إلى آخر الآية كلام يقتضي أن { شعيباً } عليه السلام وجد في نفسه لما رأى هلاك قومه حزناً وإشفاقاً إذ كان أمله فيهم غير ذلك ، فلما وجد ذلك طلب أن يثير في نفسه سبب التسلي عنهم والقسوة عليهم فجعل يعدد معاصيهم وإعراضهم الذي استوجبوا به أن لا يتأسف عليهم ، فذكر أنه بلغ الرسالة ونصح ، والمعنى فأعرضوا وكذبوا ، ثم قال لنفسه لما نظرت في هذا وفكرت فيه { فكيف آسى } على هؤلاء الكفرة ، ويحتمل أن يقول هذه المقالة على نحو قول النبي صلى الله عليه وسلم لأهل قليب بدر ، وقال مكي : وسار شعيب بمن معه حتى سكن مكة إلى أن ماتوا بها ، و { آسى } : أحزن ، وقرأ بن وثاب وطلحة بن مصرف والأعمش : «إيسى » بكسر الهمزة وهي لغة كما يقال أخال وأيمن ، قال عبد الله ابن عمر لا أخاله ، وقال ابنه عبد الله بن عبد الله بن عمر في كتاب الحج لا أيمن وجميع ذلك في البخاري ، وهذه اللغة تطرد في العلامات الثلاث ، همزة التكلم ونون الجماعة وتاء المخاطبة ، ولا يجوز ذلك في ياء الغائب كذا قال سيبويه ، وأما قولهم من جل ييجل فلعله من غير هذا الباب .