تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ} (98)

يوبخ تعالى أهل الكتاب من اليهود والنصارى على كفرهم بآيات الله التي أنزلها الله على رسله ، التي جعلها رحمة لعباده يهتدون بها إليه ، ويستدلون بها على جميع المطالب المهمة والعلوم النافعة ، فهؤلاء الكفرة جمعوا بين الكفر بها وصد من آمن بالله عنها وتحريفها وتعويجها عما جعلت له ، وهم شاهدون بذلك عالمون بأن ما فعلوه أعظم الكفر الموجب لأعظم العقوبة { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون } فلهذا توعدهم هنا بقوله : { وما الله بغافل عما تعملون } بل محيط بأعمالكم{[160]}  ونياتكم ومكركم السيء ، فمجازيكم عليه أشر الجزاء .


[160]:- في الأصل: بأعمالهم ولعل الصواب ما أثبت.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ} (98)

93

بعد هذا البيان يلقن الرسول [ ص ] أن يتجه إلى أهل الكتاب بالتنديد والتهديد ، على موقفهم من الحق الذي يعلمونه ، ثم يصدون عنه ، ويكفرون بآيات الله . وهم شهداء على صحتها ، وهم من صدقها على يقين :

( قل : يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله ، والله شهيد على ما تعملون ؟ قل : يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء ؟ وما الله بغافل عما تعملون ) . .

وقد تكرر مثل هذا التنديد في هذه السورة ، وفي سور غيرها كثيرة . وأول ما يتركه هذا التنديد من أثر هو مجابهته أهل الكتاب بحقيقة موقفهم ، ووصفهم بصفتهم ، التي يدارونها بمظهر الإيمان والتدين ، بينما هم في حقيقتهم كفار . فهم يكفرون بآيات الله القرآنية . ومن يكفر بشيء من كتاب الله فقد كفر بالكتاب كله . ولو أنهم آمنوا بالنصيب الذي معهم لآمنوا بكل رسول جاء من عند الله بعد رسولهم . فحقيقة الدين واحدة . من عرفها عرف أن كل ما يجيء به الرسل من بعد حق ، وأوجب على نفسه الإسلام لله على أيديهم . . وهي حقيقة من شأنها أن تهزهم وأن تخوفهم عاقبة ما هم فيه .

ثم إن المخدوعين من الجماعة المسلمة بكون هؤلاء الناس أهل كتاب ، يسقط هذا الخداع عنهم ، وهم يرون الله - سبحانه - يعلن حقيقة أهل الكتاب هؤلاء ، ويدمغهم بالكفر الكامل الصريح . فلا تبقى بعد هذا ريبة لمستريب .

وهو - سبحانه - يهددهم بما يخلع القلوب :

( والله شهيد على ما تعملون ) . . ( وما الله بغافل عما تعملون ) . .

وهو تهديد رعيب ، حين يحس إنسان أن الله يشهد عمله . وأنه ليس بغافل عنه . بينما عمله هو الكفر والخداع والإفساد والتضليل !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ} (98)

هذا تعنيف من الله تعالى لكَفَرة أهل الكتاب ، على عنادهم للحق ، وكفرهم بآيات الله ، وصَدِّهم عن سبيله مَنْ أراده من أهل الإيمان بجهدهم وطاقتهم{[5412]} مع علمهم بأن ما جاء به الرسول حق من الله ، بما عندهم من العلم عن الأنبياء الأقدمين ، والسادة المرسلين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وما بَشَّروا به ونوَّهُوا ، من ذِكْر النبي [ صلى الله عليه وسلم ]{[5413]} الأميّ الهاشمي العربي المكّيّ ، سيد ولد آدم ، وخاتم الأنبياء ، ورسول رب الأرض والسماء . وقد توعدهم [ الله ]{[5414]} تعالى على ذلك بأنه شهيد على صَنِيعهم ذلك بما خالفوا ما بأيديهم عن الأنبياء ، ومقاتلتهم{[5415]} الرسول المُبشر بالتكذيب والجحود والعناد ، وأخبر تعالى أنه ليس بغافل عما يعملون ، أي : وسيجزيهم على ذلك يوم لا ينفعهم مال ولا بنون .


[5412]:في جـ، أ: "طاعتهم".
[5413]:زيادة من أ.
[5414]:زيادة من أ.
[5415]:في جـ، ر، أ، و: "ومقابلتهم".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ} (98)

{ قل يا أهل الكتاب لما تكفرون بآيات الله } أي بآياته السمعية والعقلية الدالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم فيما يدعيه من وجوب الحج وغيره ، وتخصيص أهل الكتاب بالخطاب دليل على أن كفرهم أقبح ، لأن معرفتهم بالآيات أقوى وأنهم وإن زعموا أنهم مؤمنون بالتوراة والإنجيل فهم كافرون بهما . { والله شهيد على ما تعملون } والحال أنه شهيد مطلع على أعمالكم فيجازيكم عليها لا ينفعكم التحريف والاستسرار .