التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ} (98)

ابتداء كرم رُجع به إلى مجادلة أهل الكتاب وموعظتهم فهو مرتبط بقوله تعالى : { قل صدق اللَّه } الآية .

أمر الرّسول عليه الصلاة والسّلام بالصدع بالإنكار على أهل الكتاب . بعد أن مهّد بين يدي ذلك دلائل صحَّة هذا الدّين ولذلك افتتح بفعل { قل } اهتماماً بالمقول ، وافتتح المقولُ بنداء أهل الكتاب تسجيلاً عليهم . والمراد بآيات الله : إمّا القرآن ، وإمّا دلائل صدق الرّسول صلى الله عليه وسلم والكفر على هذين الوجهين بمعناه الشَّرعي واضح ، وإمَّا آيات فضيلة المسجد الحرام على غيره ، والكُفر على هذا الوجه بمعناه اللُّغوي والاستفهام إنكار .

وجملة { والله شهيد على ما تعملون } في موضع الحال لأنّ أهل الكتاب يوقنون بعموم علم الله تعالى ، وأنّه لا يخفى عليه شيء فجحدهم لآياته مع ذلك اليقين أشدّ إنكاراً ، ولذلك لم يصحّ جعل { والله شهيد } مُجرّد خبر إلاّ إذا نُزّلوا منزلة الجاهل .