إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ} (98)

{ قُلْ يا أهل الكتاب } هم اليهودُ والنصارى وإنما خُوطبوا بعنوان أهليةِ الكتابِ الموجبةِ للإيمان به وبما يصدّقه من القرآن العظيمِ مبالغةً في تقبيح حالِهم في كفرهم بها وقوله عز وجل : { لِمَ تَكْفُرُونَ بآيات الله } توبيخٌ وإنكارٌ لأن يكون لكفرهم بها سببٌ من الأسباب وتحقيقٌ لما يوجِبُ الاجتنابَ عنه بالكلية ، والمرادُ بآياته تعالى ما يعُمُّ الآياتِ القرآنيةَ التي من جملتها ما تُليَ في شأن الحجِّ وغيرِه وما في التوراة والإنجيلِ من شواهد نبوَّتِه عليه السلام ، وقولُه تعالى : { والله شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ } حال من فاعل تكفُرون مفيدةٌ لتشديد التوبيخِ وتأكيدِ الإنكار ، وإظهارُ الجلالةِ في موقع الإضمارِ لتربية المهابةِ وتهويلِ الخطبِ ، وصيغةُ المبالغةِ في شهيدٌ للتشديد في الوعيد ، وكلمةُ { مَا } إما عبارةٌ عن كفرهم أو هي على عمومها وهو داخلٌ فيها دُخولاً أولياً ، والمعنى لأي سبب تكفُرون بآياته عز وعلا ؟ والحالُ أنه تعالى مبالِغٌ في الاطلاع على جميع أعمالِكم وفي مجازاتكم عليها ولا ريبَ في أن ذلك يسُدُّ جميعَ أنحاءِ ما تأتونه ويقطع أسبابَه بالكلية .