تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (73)

وفي هذه الآيات ، تنبيه إلى أن العبد ينبغي له أن يتدبر نعم اللّه عليه ، ويستبصر فيها ، ويقيسها بحال عدمها ، فإنه إذا وازن بين حالة وجودها ، وبين حالة عدمها ، تنبه عقله لموضع المنة ، بخلاف من جرى مع العوائد ، ورأى أن هذا أمر لم يزل مستمرا ، ولا يزال . وعمي قلبه عن الثناء على اللّه ، بنعمه ، ورؤية افتقاره إليها في كل وقت ، فإن هذا لا يحدث له فكرة شكر ولا ذكر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (73)

44

( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) . .

فالليل سكينة وقرار ، والنهار نشاط وعمل ، والمتجه فيه إلى فضل الله . فما يعطي الناس شيئا إلا من فضله ( ولعلكم تشكرون )ما يسره الله لكم من نعمة ومن رحمة ، وما دبره لكم واختاره من توالي الليل والنهار ، ومن كل سنن الحياة التي لم تختاروها ، ولكن اختارها الله عن رحمة وعن علم وعن حكمة تغفلون عنها لطول الإلف والتكرار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (73)

وَمِنْ رَحْمَتِهِ } أي : بكم { جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } أي : خلق هذا وهذا { لِتَسْكُنُوا فِيهِ } أي : في الليل ، { وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ } أي : في النهار بالأسفار والترحال ، والحركات والأشغال ، وهذا من باب اللف والنشر .

وقوله : { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي : تشكرون الله بأنواع العبادات في الليل والنهار ، ومن فاته شيء بالليل استدركه بالنهار ، أو بالنهار استدركه بالليل ، كما قال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } [ الفرقان : 62 ] . والآيات في هذا كثيرة{[22399]} .


[22399]:- بعدها في ت ، ف : "فصل : فانظر إلى هذه الآيات وما تضمنته من العبرة والدلالة على ربوبية الله وحكمته ، كيف جعل الليل سكنا ولباسا ؟ يغشى العالم ، فتسكن فيه الحركات ، وتأوي الحيوانات إلى بيوتها ، والطير إلى أوكارها ، وتستجم فيه النفوس ، وتستريح من كد السعي والتعب ، حتى إذا أخذت منه النفوس راحتها وثباتها ، وتطلعت إلى معايشها وتصرفها. جاء فالق الإصباح سبحانه بالنهار، فقدم حيثه بشير الصباح ، فهزم تلك الظلمة ومزقها كل ممزق ، وأزالها وكشفها عن العالم ، فإذا هم مبصرون ، فانتشر الحيوان ، وتصرف في معايشه ومصالحه ، وخرجت الطيور من أوكارها ، فيا له من ميعاد! ونشأة دال على قدرة الله سبحانه على المعاد الأكبر ، وتكرره ومشاهدة النفوس له بحيث صار عادة ومألفا ، منعها من الاعتبار والاستدلال به على النشأة الثانية ، وإحياء الخلق بعد موتهم ، كما وردت السنة بذلك ، أنه يستجاب للعبد إذا قام من نومه يقول : الحمد لله الذي أحيانا بعد موتنا وإليه النشور".