تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا} (39)

ثم ذكر من هم الذين من قبل قد خلوا ، وهذه سنتهم وعادتهم ، وأنهم { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ْ } فيتلون على العباد آيات اللّه ، وحججه وبراهينه ، ويدعونهم إلى اللّه { وَيَخْشَوْنَهُ ْ } وحده لا شريك له { وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا ْ } إلا اللّه .

فإذا كان هذا ، سنة في الأنبياء المعصومين ، الذين وظيفتهم قد أدوها وقاموا بها ، أتم القيام ، وهو : دعوة الخلق إلى اللّه ، والخشية منه وحده التي تقتضي فعل كل مأمور ، وترك كل محظور ، دل ذلك على أنه لا نقص فيه بوجه .

{ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ْ } محاسبًا عباده ، مراقبًا أعمالهم . وعلم من هذا ، أن النكاح ، من سنن المرسلين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا} (39)

36

( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله ) . .

فلا يحسبون للخلق حسابا فيما يكلفهم الله به من أمور الرسالة ، ولا يخشون أحدا إلا الله الذي أرسلهم للتبليغ والعمل والتنفيذ .

( وكفى بالله حسيبا ) . .

فهو وحده الذي يحاسبهم ، وليس للناس عليهم من حساب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا} (39)

يمدح تعالى{[23538]} : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ } أي : إلى خلقه ويؤدونها بأمانتها { وَيَخْشَوْنَهُ } أي : يخافونه ولا يخافون أحدًا سواه فلا تمنعهم سطوة أحد عن إبلاغ رسالات الله ، { وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } أي : وكفى بالله ناصرًا ومعينًا . وسيد الناس في هذا المقام - بل وفي كل مقام - محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه قام بأداء الرسالة وإبلاغها إلى أهل المشارق والمغارب ، إلى جميع أنواع بني آدم ، وأظهر الله كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع ، فإنه قد كان النبي يبعث{[23539]} إلى قومه خاصة ، وأما هو ، صلوات الله عليه ، فإنه بُعث إلى جميع الخلق عَرَبهم وعجمهم ، { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } [ الأعراف : 158 ] ، ثم ورث مقام البلاغ عنه أمته من بعده ، فكان أعلى مَنْ قام بها بعده أصحابه ، رضي الله عنهم ، بلغوا عنه كما أمرهم به في جميع أقواله وأفعاله وأحواله ، في ليله ونهاره ، وحَضَره وسفره ، وسره وعلانيته ، فرضي الله عنهم وأرضاهم . ثم ورثه كل خلف عن سلفهم إلى زماننا هذا ، فبنورهم يقتدي المهتدون ، وعلى منهجهم يسلك الموفقون . فنسأل الله الكريم المنان أن يجعلنا من خلفهم .

قال{[23540]} الإمام أحمد : حدثنا ابن نُمَيْر ، أخبرنا الأعمش ، عن عمرو بن مُرَّة ، عن أبي البَخْتَري ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمر الله فيه مقال ثم لا{[23541]} يقوله ، فيقول الله : ما يمنعك أن تقول فيه ؟ فيقول : رب ، خشيت الناس . فيقول : فأنا أحق أن يخشى{[23542]} " .

ورواه أيضا عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن زبيد ، عن عمرو بن مرة{[23543]} .

ورواه ابن ماجه ، عن أبي كُرَيْب ، عن عبد الله بن نمير وأبي معاوية ، كلاهما عن الأعمش ، به{[23544]} .


[23538]:- في ت ، ف: "يمدح الله تعالى" وفي أ: "يمدح الله عز وجل".
[23539]:- في ت ، ف ، أ: "وكان النبي قبله إنما يبعث".
[23540]:- في ت: "روي".
[23541]:- في ت: "أن لا".
[23542]:- في أ: "يخشاه".
[23543]:- المسند (3/ 30 ، 73).
[23544]:- سنن ابن ماجه برقم (4008) وقال البوصيري في الزوائد (3/242): "هذا إسناد صحيح".