تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَٰهُم بِٱلۡحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (168)

وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأرْضِ أُمَمًا أي : فرقناهم ومزقناهم في الأرض بعد ما كانوا مجتمعين ، مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ القائمون بحقوق اللّه ، وحقوق عباده ، وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ أي : دون الصلاح ، إما مقتصدون ، وإما ظالمون لأنفسهم ، وَبَلَوْنَاهُمْ على عادتنا وسنتنا ، بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ أي : بالعسر واليسر .

لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عما هم عليه مقيمون من الردى ، يراجعون ما خلقوا له من الهدى ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَٰهُم بِٱلۡحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (168)

138

ثم تمضي خطوات القصة مع خطوات التاريخ ، من بعد موسى وخلفائه ، مع الأجيال التالية في بني إسرائيل إلى الجيل الذي كان يواجه الرسول [ ص ] والجماعة المسلمة في المدينة :

وقطعناهم في الأرض أمماً . . منهم الصالحون ومنهم دون ذلك . . وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون . فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب ، يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون : سيغفر لنا . وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه . ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق ، ودرسوا ما فيه ، والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ! والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة ، إنا لا نضيع أجر المصلحين . .

وهذه بقية الآيات المدنية الواردة في هذا السياق تكملة لقصة بني إسرائيل من بعد موسى . . ذلك حين تفرق اليهود في الأرض ؛ جماعات مختلفة المذاهب والتصورات ، مختلفة المشارب والمسالك . فكان منهم الصالحون وكان منهم من هم دون الصلاح . وظلت العناية الإلهية تواليهم بالابتلاءات . تارة بالنعماء وتارة بالبأساء لعلهم يرجعون إلى ربهم ، ويثوبون إلى رشدهم ، ويستقيمون على طريقهم ( وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ) . .

والمتابعة بالابتلاء رحمة من الله بالعباد ، وتذكير دائم لهم ، ووقاية من النسيان المؤدي إلى الاغترار والبوار . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَٰهُم بِٱلۡحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (168)

يذكر تعالى أنه فرقهم في الأرض أمما ، أي : طوائف وفرقًا ، كما قال [ تعالى ]{[12287]} { وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } [ الأسراء : 104 ]

{ مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ } أي : فيهم الصالح وغير ذلك ، كما قالت الجن : { وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا } [ الجن : 11 ] ، { وَبَلَوْنَاهُمْ } أي : اختبرناهم { بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ } أي : بالرخاء والشدة ، والرغبة والرهبة ، والعافية والبلاء ، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }


[12287]:زيادة من أ.