تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (3)

ربما قيل : لعله يكثر مدعو الإيمان فهل يقبل من كل أحد ادعى [ ص 601 ] أنه مؤمن ذلك ؟ أم لا بد لذلك من دليل ؟ وهو الحق فلذلك بين تعالى صفة المؤمنين فقال : { الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ }فرضها ونفلها فيأتون بأفعالها الظاهرة ، من أركانها وشروطها وواجباتها بل ومستحباتها ، وأفعالها الباطنة وهو الخشوع الذي روحها ولبها باستحضار قرب الله وتدبر ما يقول المصلي ويفعله .

{ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } المفروضة لمستحقيها . { وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } أي : قد بلغ معهم الإيمان إلى أن وصل إلى درجة اليقين وهو العلم التام الواصل إلى القلب الداعي إلى العمل . ويقينهم بالآخرة يقتضي كمال سعيهم لها ، وحذرهم من أسباب العذاب وموجبات العقاب وهذا أصل كل خير .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (3)

والسورة تعرض صفة المؤمنين الذين يجدون القرآن هدى وبشرى . . إنهم هم :

( الذين يقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة ، وهم بالآخرة هم يوقنون ) . .

يقيمون الصلاة . . فيؤدونها حق أدائها ، يقظة قلوبهم لموقفهم بين يدي الله ، شاعرة أرواحهم بأنهم في حضرة ذي الجلال والإكرام ، مرتفعة مشاعرهم إلى ذلك الأفق الوضيء ، مشغولة خواطرهم بنجاء الله ودعائه والتوجه إليه في محضره العظيم .

ويؤتون الزكاة . . فيطهرون نفوسهم من رذيلة الشح ؛ ويستعلون بأرواحهم على فتنة المال ؛ ويصلون إخوانهم في الله ببعض ما رزقهم الله ؛ ويقومون بحق الجماعة المسلمة التي هم فيها أعضاء .

وهم بالآخرة هم يوقنون . . فإذا حساب الآخرة يشغل بالهم ، ويصدهم عن جموح الشهوات ، ويغمر أرواحهم بتقوى الله وخشيته والحياء من الوقوف بين يديه موقف العصاة .

هؤلاء المؤمنون الذاكرون الله ، القائمون بتكاليفه ، المشفقون من حسابه وعقابه ، الطامعون فى رضائه وثوابه . . هؤلاء هم الذين تنفتح قلوبهم للقرآن ، فإذا هو هدى وبشرى . وإذا هو نور في أرواحهم ، ودفعة في دمائهم ، وحركة في حياتهم . وإذا هو زادهم الذي به يبلغون ؛ وريهم الذي به يشتفون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (3)

وقوله : الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاةَ يقول : هو هدى وبشرى لمن آمن بها ، وأقام الصلاة المفروضة بحدودها . وقوله : وَيُؤْتُونَ الزّكاةَ يقول : ويؤدّون الزكاة المفروضة . وقيل : معناه : ويطهرون أجسادهم من دنس المعاصي . وقد بيّنا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع وَهُمْ بالاَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ يقول : وهم مع إقامتهم الصلاة ، وإيتائهم الزكاة الواجبة ، بالمعاد إلى الله بعد الممات يوقنون ، فيذلون في طاعة الله ، رجاء جزيل ثوابه ، وخوف عظيم عقابه ، وليسوا كالذين يكذّبون بالبعث ، ولا يبالون ، أحسنوا أم أساءوا ، وأطاعوا أم عصوا ، لأنهم إن أحسنوا لم يرجوا ثوابا ، وإن أساءوا لم يخافوا عقابا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (3)

ثم وصف تعالى المؤمنين بالأوصاف الخليقة بهم ، وإقامة الصلاة إدامتها وأداؤها على وجهها ، و { الزكاة } هنا يحتمل أن - تكون غير المفروضة لأن السورة مكية قديمة ، ويحتمل أن تكون المفروضة من غير تفسير ، وقيل { الزكاة } هنا بمعنى الطهارة من النقائص وملازمة مكارم الأخلاق ، وتكرار الضمير في قوله { وهم بالآخرة هم يوقنون } للتأكيد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (3)

وصف المؤمنين بالموصول لتمييزهم عن غيرهم لأنهم عُرفوا يومئذ بإقامة الصلاة وإعطاء الصدقات للفقراء والمساكين ، ألا ترى أن الله عرّف الكفار بقوله { وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة } [ فصلت : 6 ، 7 ] ، ولأن في الصلة إيماء إلى وجه بناء الإخبار عنهم بأنهم على هدى من ربّهم ومفلحون .

و { الزكاة } : الصدقة لأنها تزكي النفس أو تزكي المال ، أي تزيده بركة . والمراد بالزكاة هنا الصدقة مطلقاً أو صدقة واجبة كانت على المسلمين ، وهي مواساة بعضهم بعضاً كما دل عليه قوله في صفة المشركين { بل لا تكرمون اليتيمَ ولا تحضّون على طعام المسكين } [ الفجر : 17 ، 18 ] . وأما الزكاة المقدرة بالنُّصُب والمقادير الواجبة على أموال الأغنياء فإنها فرضت بعد الهجرة فليست مراداً هنا لأن هذه السورة مكية .

وجملة : { وهم بالأخرة هم يوقنون } عطف على الصلة وليست من الصلة ، ولذلك خولف بين أسلوبها وأسلوب الصلة فأتي له بجملة اسمية اهتماماً بمضمونها لأنه باعث على فعل الخيرات ، على أن ضمير { هم } الثاني يجوز أن يعتبر ضمير فصل دالاً على القصر ، أي ما يوقن بالآخرة إلا هؤلاء .

والقصْر إضافي بالنسبة إلى مجاوريهم من المشركين ، وإلا فإن أهل الكتاب يوقنون بالآخرة ، إلا أنهم غير مقصود حالهم للمخاطبين من الفريقين . وتقديم { بالأخرة } للرعاية على الفاصلة وللاهتمام بها .