تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (3)

[ الآية 3 ] ثم نعت المؤمنين ، ووصفهم ، فقال : { الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة } يحتمل قوله : { يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة } أي يقرون بها ، ويؤمنون ، لأن من الناس من كان يؤمن بالله وبرسوله ، لكنهم أبوا الإيمان بالصلاة والزكاة كقوله : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } [ التوبة : 5 ] .

لا يحتمل أن يأمرهم بحبسهم على أن تمضي السنة ، فتجب الزكاة عليهم ، فيؤتوا{[14889]} . فحينئذ يخلون سبيلهم ، ولكن الأمر بحبسهم على أن يقروا بها ، ويؤمنوا ، فيخلون عند ذلك سبيلهم . وكذلك قوله : { الذين لا يؤتون الزكاة } [ فصلت : 7 ]/ 387- ب/ لا يقبلونها ، ولا يقرونها ، ليس على فعل الإيتاء .

فعلى ذلك الأول ، يحتمل هذا ، والثاني ، يحتمل الأمرين جميعا : القبول والإقرار بها والإيتاء جميعا ، أي قبلوها ، وأقروا بها ، وأعطوها . فحينئذ يستوجبون هذه البشارة التي ذكرت .

وقوله تعالى : { وهم بالآخرة هم يوقنون } الإيقان بالشيء ، هو العمل به من جهة الاستدلال والاجتهاد والأسباب التي يستفاد بها للعلم بالأشياء ، لا العلم الذاتي . لذلك لا يوصف الله على الإيقان بالشيء ، ولا يقال : يا موقن لأنه عالم بذاته لا بالأسباب ، وبالله التوفيق .


[14889]:- في الأصل وم: فيؤتون.