نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (3)

ولما كان وصف الإيمان خفياً ، وصفهم بما يصدقه من الأمور الظاهرة فقال : { الذين يقيمون الصلاة } أي بجميع حدودها الظاهرة والباطنة من المواقيت والطهارات والشروط والأركان والخشوع والخضوع والمراقبة والإحسان إصلاحاً لما بينهم وبين الخالق .

ولما كان المقصود الأعظم من الزكاة إنما هو التوسعة على الفقراء قال : { ويؤتون الزكاة } أي إحساناً فيما بينهم وبين الخلائق .

ولما كان الإيمان بالبعث هو الجامع لذلك ولغيره من سائر الطاعات ، ذكره معظماً لتأكيده ، فقال معلماً بجعله حالاً إلا أنه شرط لما قبله : { وهم } أي والحال أنهم .

ولما كان الإيمان بالبعث هو السبب الأعظم للسعادة وهو محط للحكمة ، عبر فيه بما يقتضي الاختصاص ، لا للاختصاص بل للدلالة على غاية الرسوخ في الإيمان به ، فقال : { بالآخرة هم } أي المختصون بأنهم { يوقنون* } أي يوجدون الإيقان حق الإيجاد ويجددونه في كل حين بما يوجد منهم من الإقدام على الطاعة ، والإحجام عن المعصية .