أما قوله : { الذين يقيمون الصلاة } فالأقرب أنها الصلوات الخمس لأن التعريف بالألف واللام يقتضي ذلك ، وإقامة الصلاة أن يؤتى بها بشرائطها ، وكذا القول في الزكاة فإنها هي الواجبة ، وإقامتها وضعها في حقها .
أما قوله : { وهم بالآخرة هم يوقنون } ففيه سؤال وهو : أن المؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة لابد وأن يكونوا متيقنين بالآخرة ، فما الوجه في ذكره مرة أخرى ؟ جوابه من وجهين : الأول : أن يكون من جملة صلة الموصول ، ثم فيه وجهان : الأول : أن كمال الإنسان في أن يعرف الحق لذاته ، والخبر لأجل العمل به ، وأما عرفان الحق فأقسام كثيرة لكن الذي يستفاد منه طريق النجاة معرفة المبدأ ، ومعرفة المعاد ، وأما الخير الذي يعمل به فأقسام كثيرة وأشرفها قسمان : الطاعة بالنفس والطاعة بالمال فقوله : { للمؤمنين } إشارة إلى معرفة المبدأ ، وقوله : { يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة } إشارة إلى الطاعة بالنفس والمال ، وقوله : { وهم بالآخرة هم يوقنون } إشارة إلى علم المعاد فكأنه سبحانه وتعالى جعل معرفة المبدأ طرفا أولا ، ومعرفة المعاد طرفا أخيرا وجعل الطاعة بالنفس والمال متوسطا بينهما . الثاني : أن المؤمنين الذي يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، منهم من هو جازم بالحشر والنشر ، ومنهم من يكون شاكا فيه إلا أنه يأتي بهذه الطاعات للاحتياط ، فيقول إن كنت مصيبا فيها فقد فزت بالسعادة ، وإن كنت مخطئا فيها لم يفتني إلا خيرات قليلة في هذه المدة اليسيرة ، فمن يأتي بالصلاة والزكاة على هذا الوجه لم يكن في الحقيقة مهتديا بالقرآن ، أما من كان حازما بالآخرة كان مهتديا به ، فلهذا السبب ذكر هذا القيد . الثاني : أن يجعل قوله : { وهم بالآخرة هم يوقنون } جملة اعتراضية كأنه قيل وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة هم الموقنون بالآخرة ، وهذا هو الأقرب ويدل عليه أنه عقد جملة ابتدائية وكرر فيها المبتدأ الذي هو { هم } حتى صار معناها وما يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح ، لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.