فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (3)

ثم وصف المؤمنين الذين لهم الهدى والبشرى فقال :{ الذين يقيمون الصلاة } أي : الخمس ، ويديمون على شرائطها من الفروض والسنن ، ويأتون بها على وجهها .

{ ويؤتون الزكاة } أي : يؤدون ويعطون زكاة أموالهم إذا وجبت عليهم ، طيبة بها أنفسهم ، ولما كانت إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة مما يتكرر ويتجدد في أوقاتهما ، أتى بهما فعلين ، ولما كان الإيقان بالآخرة أمرا ثابتا مطلوبا دوامه ، أتى به جملة اسمية فقال :

{ وهم بالآخرة هم يوقنون } يعلمونها بالاستدلال ، وجعل الخبر مضارعا للدلالة على أن إيقانهم يستمر على سبيل التجدد في كل وقت ، وعدم الانقطاع وكرر الضمير للدلالة على الحصر ، ولما فصل بينه وبين الخبر ، أي لا يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح ، لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق ، وأنهم الأوحدون فيه ،