تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ} (35)

{ 35 - 40 } { هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ * فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ }

أي : هذا اليوم العظيم الشديد على المكذبين ، لا ينطقون فيه من الخوف والوجل الشديد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ} (35)

ثم يأخذ في استكمال المشهد بعد عرض الهول المادي في صورة جهنم ، بعرض الهول النفسي الذي يفرض الصمت والكظم . .

( هذا يوم لا ينطقون . ولا يؤذن لهم فيعتذرون ) . .

فالهول هنا يكمن في الصمت الرهيب ، والكبت الرعيب ، والخشوع المهيب ، الذي لا يتخلله كلام ولا اعتذار . فقد انقضى وقت الجدل ومضى وقت الاعتذار : ( ويل يومئذ للمكذبين ) ! . . وفي مشاهد أخرى يذكر حسرتهم وندامتهم وحلفهم ومعاذيرهم . . واليوم طويل يكون فيه هذا ويكون فيه ذاك - على ما قال ابن عباس رضي الله عنهما - ولكنه هنا يثبت هذه اللقطة الصامتة الرهيبة ، لمناسبة في الموقف وظل في السياق .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ} (35)

القول في تأويل قوله تعالى : { هََذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ * وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ * هََذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأوّلِينَ * فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } .

يقول تعالى ذكره لهؤلاء المكذّبين بثواب الله وعقابه : هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ أهل التكذيب بثواب الله وعقابه وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيْعْتَذِرُونَ مما اجترموا في الدنيا من الذنوب .

فإن قال قائل : وكيف قيل : هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وقد علمت بخبر الله عنهم أنهم يقولون : رَبّنا أخْرِجْنا مِنْها وأنهم يقولون : رَبّنا أَمَتّنا اثْنَتَينِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَين في نظائر ذلك مما أخبر الله ورسوله عنهم أنهم يقولونه ؟ قيل : إن ذلك في بعض الأحوال دون بعض .

وقوله : هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ يخبر عنهم أنهم لا ينطقون في بعض أحوال ذلك اليوم ، لا أنهم لا ينطقون ذلك اليوم كله .

فإن قال : فهل من بُرهان يعلم به حقيقة ذلك ؟ قيل : نعم ، وذلك إضافة يوم إلى قوله : لا يَنْطِقُونَ والعرب لا تُضيف اليوم إلى فعل يفعل ، إلا إذا أرادت الساعة من اليوم والوقت منه ، وذلك كقولهم : آتيك يومَ يقدمُ فلان ، وأتيتك يوم زارك أخوك ، فمعلوم أن معنى ذلك : أتيتك ساعة زارك ، أو آتيك ساعة يقدُم ، وأنه لم يكن إتيانه إياه اليوم كله ، لأن ذلك لو كان أخذ اليوم كله لم يضف اليوم إلى فعل ويفعل ، ولكن فعل ذلك إذ كان اليوم بمعنى إذ وإذا اللتين يطلبان الأفعال دون الأسماء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ} (35)

هذا يوم لا ينطقون أي بما يستحق فإن النطق بما لا ينفع كلا نطق أو بشيء من فرط الدهشة والحيرة وهذا في بعض المواقف وقرىء بنصب اليوم أي هذا الذي ذكر واقع يومئذ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ} (35)

إن كانت الإِشارة على ظاهرها كان المشار إليه هو اليوم الحاضر وهو يوم الفصل فتكون الجملة من تمام ما يقال لهم في ذلك اليوم بعد قوله : { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون } [ المرسلات : 29 ] فيكون في الانتقال من خطابهم بقوله : { انطلقوا إلى } إِجراء ضمائر الغيبة عليهم ، التفات يزيده حسناً أنهم قد استحقوا الإِعراض عنهم بعد إهانتهم بخطاب { انطلقوا } .

وهذا الوجه أنسب بقوله تعالى بعده : { هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين } [ المرسلات : 38 ] ، وموقع الجملة على هذا التأويل موقع تكرير التوبيخ الذي أفاده قوله : { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون وهو من جملة ما يقال لهم في ذلك اليوم ، واسم الإِشارة مستعمل في حقيقته للقريب .

وإن كانت الإِشارة إلى المذكور في اللفظ وهو يوم الفصل المتحدث عنه بأنَّ فيه الويل للمكذبين ، كان هذا الكلام موجهاً إلى الذين خوطبوا بالقرآن كلهم إنذاراً للمشركين منهم وإنعاماً على المؤمنين ، فكانت ضمائر الغيبة جارية على أصلها وكانت عائدة على المكذبين من قوله : { ويل يومئذٍ للمكذبين } [ المرسلات : 34 ] وتكون الجملة معترضة بين جملة { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ، وجملة هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين } [ المرسلات : 38 ] . واسم الإِشارة الذي هو إشارة إلى القريب مستعمل في مشار إليه بعيد باعتبار قرب الحديث عنه على ضرب من المجاز أو التسامح .

واسم الإِشارة مبتدأ { ويومُ لا ينطقون } خبر عنه .

وجملة { لا ينطقون } مضاف إليها { يوم } ، أي هو يومٌ يُعرَّف بمدلول هذه الجملة ، وعدم تنوين { يوم } لأجل إضافته إلى الجملة كما يضاف ( حين ) والأفصح في هذه الأزمان ونحوه إذا أضيف إلى جملة مفتتحة ب { لا } النافية أن يكون معرباً ، وهو لغة مُضر العُليا ، وأما مضر السفلى فهم يبنونه على الفتح دائماً .