تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (42)

ثم وصف جريانها كأنا نشاهدها فقال : { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ } أي : بنوح ، ومن ركب معه { فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ } والله حافظها وحافظ أهلها { وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ } لما ركب ، ليركب معه { وَكَانَ } ابنه { فِي مَعْزِلٍ } عنهم ، حين ركبوا ، أي : مبتعدا وأراد منه ، أن يقرب ليركب ، فقال له : { يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ } فيصيبك ما يصيبهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (42)

25

ثم يأتي المشهد الهائل المرهوب : مشهد الطوفان :

( وهي تجري بهم في موج كالجبال ، ونادى نوح ابنه - وكان في معزل - يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ، قال : سآوى إلى جبل يعصمني من الماء . قال : لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم . وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ) . .

إن الهول هنا هولان . هول في الطبيعة الصامتة ، وهول في النفس البشرية يلتقيان :

( وهي تجري بهم في موج كالجبال ) . .

وفي هذه اللحظة الرهيبة الحاسمة يبصر نوح ، فإذا أحد أبنائه في معزل عنهم وليس معهم ، وتستيقظ في كيانه الأبوة الملهوفة ، ويروح يهتف بالولد الشارد :

( يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (42)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىَ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَبُنَيّ ارْكَبَ مّعَنَا وَلاَ تَكُن مّعَ الْكَافِرِينَ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ والفلك تجري بنوح ومن معه فيها فِي مَوْجٍ كالجبالِ وَنادَى نُوحٌ ابْنَهُ يام ، وكانَ فِي مَعْزِلٍ عنه لم يركب معه الفلك : يا بُنَيّ ارْكَبْ مَعَنا الفلك وَلا تَكُنْ مَعَ الكافِرِينَ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (42)

{ وهي تجري بهم } متصل بمحذوف دل عليه { اركبوا } فركبوا مسمين وهي تجري وهم فيها . { في موج كالجبال } في مومج من الطوفان ، وهو ما يرتفع من الماء عند اضطرابه كل موجة منها كجبل في تراكمها وارتفاعها ، وما قيل من أن الماء طبق ما بين السماء والأرض وكانت السفينة تجري في جوفه ليس بثابت ، والمشهور أنه علا شوامخ الجبال خمسة عشر ذراعا وإن صح فلعل ذلك قبل التطبيق . { ونادى نوح ابنه } كنعان ، وقرئ " ابنها " و{ ابنه } بحذف الألف على أن الضمير لامرأته ، وكان ربيبه وقيل كان لغير رشدة لقوله تعالى : { فخانتاهما } وهو خطأ إذ الأنبياء عصمن من ذلك والمراد بالخيانة الخيانة في الدين ، وقرئ " ابناه " على الندبة ولكونها حكاية سوغ حذف الحرف . { وكان في معزل } عزل فيه نفسه عن أبيه أو عن دينه مفعل للمكان من عزله عنه إذا أبعده . { يا بني اركب معنا } في السفينة ، والجمهور كسروا الياء ليدل على ياء الإضافة المحذوفة في جميع القرآن ، غير ابن كثير فإنه وقف عليها في " لقمان " في الموضع الأول باتفاق الرواة وفي الثالث في رواية قنبل وعاصم فإنه فتح ها هنا اقتصارا على الفتح من الألف المبدلة من ياء الإضافة ، واختلفت الرواية عنه في سائر المواضع وقد أدغم الباء في الميم أبو عمرو الكسائي وحفص لتقاربهما . { ولا تكن مع الكافرين } في الدين والانعزال .