غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (42)

25

قال في الكشاف : { وهي تجري بهم } متصل بمحذوف كأنه قيل : فركبوا فيها يقولون باسم الله وهي تجري بهم وهم فيها { في موج كالجبال } في التراكم والارتفاع ، فلعل الأمواج أحاطت بالسفينة من الجوانب فصارت كأنها في داخل تلك الأمواج . واختلف المفسرون في قوله : { ونادى نوح ابنه } فالأكثرون على أنه ابن له في الحقيقة لئلا يلزم صرف الكلام عن الحقيقة الى المجاز من غير ضرورة ، ولا استبعاد في كون ولد النبي كافراً كعكسه . واعترض عل هذا القول بأنه كيف ناداه مع كفره وقد قال :

{ رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً } [ نوح :26 ] وأجيب بأنه كان منافقاً وظن نوح أنه مؤمن أو ظن أنه كافر إلا أنه توقع منه الإيمان عند مشاهدة العذاب بدليل قوله : { ولا تكن مع الكافرين } أو لعل شفقة الأبوة حملته على ذلك النداء .

وعن محمد بن علي الباقر والحسن البصري أنه كان ابن امرأته ويؤيده ما روي أن علياً رضي الله عنه قرأ { ونادى نوح ابنها } ويؤكد هذا الظن قوله : { إن ابني من أهلي } دون أن يقول " إنه مني " وقيل : إنه ولد على فراشه لغير رشده وإليه الإشارة بقوله تعالى { فخانتاهما } [ التحريم :10 ] ورد هذا القول بأنه يجب صون منصب الأنبياء عن مثل هذه الفضيحة لقوله : { الخبيثات للخبيثين } [ النور :26 ] وفسر ابن عباس تلك الخيانة بأن امرأة نوح كانت تقول زوجي مجنون . وامرأة لوط دلت الناس على ضيفه . وقوله : { وكان في معزل } هو مفعل من عزله عنه إذا نحاه أو أبعده أي كان في مكان عزل فيه نفسه عن أبيه وعن السفينة وعمن فيها ، أو كان في معزل عن دين أبيه . وقيل في معزل عن الكفار ولهذا ظن نوح أنه يريد مفارقة الكفرة ، ولكن قوله : { ولا تكن مع الكافرين } لا يساعد هذا القول . وقوله { يا بني } بكسر الياء لأجل الاكتفاء به عن ياء الإضافة ، وبفتحها اكتفاء به عن الألف المبدلة من الياء ، ويجوز أن يكون الياء والألف ساقطتين من اللفظ فقط لالتقاء الساكنين .

/خ49