{ إِذْ قَالُوا ْ } فيما بينهم : { لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ ْ } بنيامين ، أي : شقيقه ، وإلا فكلهم إخوة . { أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌْ } أي : جماعة ، فكيف يفضلهما علينا بالمحبة والشفقة ، { إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ْ } أي : لفي خطأ بيِّن ، حيث فضلهما علينا من غير موجب نراه ، ولا أمر نشاهده .
ترى حدثهم يوسف عن رؤياه كما يقول كتاب " العهد القديم " ؟ إن السياق هنا يفيد أن لا . فهم يتحدثون عن إيثار يعقوب ليوسف وأخيه عليهم . أخيه الشقيق . ولو كانوا قد علموا برؤياه لجاء ذكرها على ألسنتهم ، ولكانت أدعى إلى أن تلهج ألسنتهم بالحقد عليه . فما خافه يعقوب على يوسف لو قص رؤياه على إخوته قد تم عن طريق آخر ، وهو حقدهم عليه لإيثار أبيهم له . ولم يكن بد أن يتم لأنه حلقة في سلسلة الرواية الكبرى المرسومة ، لتصل بيوسف إلى النهاية المرسومة ، والتي تمهد لها ظروف حياته ، وواقع أسرته ، ومجيئه لأبيه على كبرة . وأصغر الأبناء هم أحب الأبناء ، وبخاصة حين يكون الوالد في سن الكبر . كما كان الحال مع يوسف وأخيه ، وإخوته من أمهات .
( إذ قالوا : ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة ) . .
أي ونحن مجموعة قوية تدفع وتنفع . .
( إن أبانا لفي ضلال مبين ) . .
إذ يؤثر غلاما وصبيا صغيرين على مجموعة الرجال النافعين الدافعين !
القول في تأويل قوله تعالى : { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبّ إِلَىَ أَبِينَا مِنّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ } .
يقول تعالى ذكره : لقد كان في يوسف وإخوته آيات لمن سأل عن شأنهم حين قال إخوة يوسف : { لَيُوسُفُ وأخُوهُ } ، مِنْ أمه ، { أحَبّ إلى أبِينا مِنّا ونَحْنُ عُصْبَةٌ } ، يقولون : ونحن جماعة ذوو عدد أحد عشر رجلاً . والعصبة من الناس : هم عشرة فصاعدا ، قيل : إلى خمسة عشر فصاعدا عشر ، ليس لها واحد من لفظها ، كالنفر ، والرهط . { إنّ أبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } ، يعنون : إن أبانا يعقوب لفي خطأ من فعله في إيثاره يوسف وأخاه من أمه علينا بالمحبة ، ويعني بالمبين : أنه خطأ ، يبين عن نفسه أنه خطأ لمن تأمله ونظر إليه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد العنقزي ، عن أسباط ، عن السديّ : { إذْ قالُوا لَيُوسُفُ وأخُوهُ أحَبّ إلي أبِينا مِنا } ، قال : يعنون : بنيامين . قال : وكانوا عشرة .
قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السديّ : { إنّ أبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } ، قال : في ضلال من أمرنا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { ونَحْنُ عُصْبَةٌ } ، قال : العصبة : الجماعة .
{ إذ قالوا ليوسف وأخوه } بنيامين وتخصيصه بالإضافة لاختصاصه بالأخوة من الطرفين . { أحب إلى أبينا منا } وحده لأن أفعل من لا يفرق فيه بين الواحد وما فوقه ، والمذكر وما يقابله بخلاف أخويه فإن الفرق واجب في المحلى جائز في المضاف . { ونحن عصبة } والحال أنا جماعة أقوياء أحق بالمحبة من صغيرين لا كفاية فيهما ، والعصبة والعصابة العشرة فصاعدا سموا بذلك لأن الأمور تعصب بهم . { إن أبانا لفي ضلال مبين } لتفضيله المفضول أو لترك التعديل في المحبة . روي أنه كان أحب إليه لما يرى فيه من المخايل وكان إخوته يحسدونه ، فلما رأى الرؤيا ضاعف له المحبة بحيث لم يصبر عنه ، فتبالغ حسدهم حتى حملهم على التعرض له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.