تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوَلَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِيمُ} (81)

ثم ذكر دليلا رابعا فقال : { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } على سعتهما وعظمهما { بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } أي : [ أن ] يعيدهم [ بأعيانهم ] . { بَلَى } قادر على ذلك ، فإن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس . { وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ } وهذا دليل خامس ، فإنه تعالى الخلاق ، الذي جميع المخلوقات ، متقدمها ومتأخرها ، صغيرها وكبيرها ، كلها أثر من آثار خلقه وقدرته ، وأنه لا يستعصي عليه مخلوق أراد خلقه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوَلَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِيمُ} (81)

ثم يستطرد في عرض دلائل القدرة وتبسيط قضية الخلق والإعادة للبشر أجمعين :

( أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ? بلى وهو الخلاق العليم ) . .

والسماوات والأرض خلق عجيب هائل دقيق . . هذه الأرض التي نعيش عليها ويشاركنا ملايين الأجناس والأنواع ، ثم لا نبلغ نحن شيئاً من حجمها ، ولا شيئاً من حقيقتها ، ولا نعلم عنها حتى اليوم إلا القليل . . هذه الأرض كلها تابع صغير من توابع الشمس التي تعيش أرضنا الصغيرة على ضوئها وحرارتها . . وهذه الشمس واحدة من مائة مليون في المجرة الواحدة التي تتبعها شمسنا ، والتي تؤلف دنيانا القريبة ! وفي الكون مجرات أخرى كثيرة . أو دنييات كدنيانا القريبة . عد الفلكيون حتى اليوم منها مائة مليون مجرة بمناظيرهم المحدودة . وهم في انتظار المزيد كلما أمكن تكبير المناظير والمراصد . وبين مجرتنا أو دنيانا والمجرة التالية لها نحو خمسين وسبع مائة ألف سنة ضوئية [ السنة الضوئية تقدر بستة وعشرين مليون مليون من الأميال ! ] . . وهناك كتل ضخمة من السدم التي يظن أنه من نثارها كانت تلك الشموس . وهذا هو الجزء الذي يدخل في دائرة معارفنا الصغيرة المحدودة !

تلك الشموس التي لا يحصيها العد . لكل منها فلك تجري فيه . ولمعظمها توابع ذات مدارات حولها كمدار الأرض حول الشمس . . وكلها تجري وتدور في دقة وفي دأب . لا تتوقف لحظة ولا تضطرب . وإلا تحطم الكون المنظور واصطدمت هذه الكتل الهائلة السابحة في الفضاء الوسيع . .

هذا الفضاء الذي تسبح فيه تلك الملايين التي لا يحصيها العد ، كأنها ذرات صغيرة . لا نحاول تصويره ولا تصوره . . فذلك شيء يدير الرؤوس !

( أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ? ) . .

وأين الناس من ذلك الخلق الهائل العجيب ?

( بلى ! وهو الخلاق العليم ) . .