{ 73 ْ } { وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ْ }
لما عقد الولاية بين المؤمنين ، أخبر أن الكفار حيث جمعهم الكفر فبعضهم أولياء لبعض{[359]} فلا يواليهم إلا كافر مثلهم .
وقوله : { إِلَّا تَفْعَلُوهُ ْ } أي : موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين ، بأن واليتموهم كلهم أو عاديتموهم كلهم ، أو واليتم الكافرين وعاديتم المؤمنين .
{ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ْ } فإنه يحصل بذلك من الشر ما لا ينحصر من اختلاط الحق بالباطل ، والمؤمن بالكافر ، وعدم كثير من العبادات الكبار ، كالجهاد والهجرة ، وغير ذلك من مقاصد الشرع والدين التي تفوت إذا لم يتخذ المؤمنون وحدهم أولياء بعضهم لبعض .
وكما أن المجتمع المسلم مجتمع عضوي حركي متناسق متكافل متعاون يتجمع في ولاء واحد ، فكذلك المجتمع الجاهلي :
( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ) . .
إن الأمور بطبيعتها كذلك - كما أسلفنا . إن المجتمع الجاهلي لا يتحرك كأفراد ؛ إنما يتحرك ككائن عضوي ، تندفع أعضاؤه ، بطبيعة وجوده وتكوينه ، للدفاع الذاتي عن وجوده وكيانه . فهم بعضهم أولياء بعض طبعاً وحكماً . . ومن ثم لا يملك الإسلام أن يواجههم إلا في صورة مجتمع آخر له ذات الخصائص ، ولكن بدرجة أعمق وأمتن وأقوى . فأما إذا لم يواجههم بمجتمع ولاؤه بعضه لبعض ، فستقع الفتنة لأفراده من المجتمع الجاهلي - لأنهم لا يملكون مواجهة المجتمع الجاهلي المتكافل أفراداً - وتقع الفتنة في الأرض عامة بغلبة الجاهلية على الإسلام بعد وجوده . ويقع الفساد في الأرض بطغيان الجاهلية على الإسلام ؛ وطغيان ألوهية العباد على ألوهية الله ؛ ووقوع الناس عبيداً للعباد مرة أخرى . وهو أفسد الفساد :
( إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) . .
ولا يكون بعد هذا النذير نذير ، ولا بعد هذا التحذير تحذير . . والمسلمون الذين لا يقيمون وجودهم على أساس التجمع العضوي الحركي ذي الولاء الواحد والقيادة الواحدة ، يتحملون أمام الله - فوق ما يتحملون في حياتهم ذاتها - تبعة تلك الفتنة في الأرض ، وتبعة هذا الفساد الكبير
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.