تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ} (7)

{ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } أي : خالق ذلك ومدبره والمتصرف فيه بما شاء . { إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ } أي : عالمين بذلك علما مفيدا لليقين فاعلموا أن الرب للمخلوقات هو إلهها الحق .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ} (7)

القول في تأويل قوله تعالى : { رَبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مّوقِنِينَ * لاَ إِلََهَ إِلاّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبّكُمْ وَرَبّ آبَآئِكُمُ الأوّلِينَ * بَلْ هُمْ فِي شَكّ يَلْعَبُونَ } .

اختلفتِ القرّاء في قراءة قوله : رَبّ السّمَوَاتِ والأرْضِ فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة «رَبّ السّمَوَاتِ » بالرفع على إتباع إعراب الربّ إعراب السميع العليم . وقرأته عامة قرّاء الكوفة وبعض المكيين رَبّ السّمَوَاتِ خفضا ردّا على الرب في قوله جلّ جلاله : رَحْمَةً مِنْ رَبّكَ .

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .

ويعني بقوله : رَبّ السّمَوَات والأرْضِ وَما بَيْنَهُما يقول تعالى ذكره الذي أنزل هذا الكتاب يا محمد عليك ، وأرسلك إلى هؤلاء المشركين رحمة من ربك ، مالك السموات السبع والأرض وما بينهما من الأشياء كلها .

وقوله : إنْ كُنْتُمْ مُوقِنِين يقول : إن كنتم توقنون بحقيقة ما أخبرتكم من أن ربكم ربّ السموات والأرض ، فإن الذي أخبرتكم أن الله هو الذي هذه الصفات صفاته ، وأن هذا القرآن تنزيله ، ومحمدا صلى الله عليه وسلم رسوله حق يقين ، فأيقنوا به كما أيقنتم بما توقنون من حقائق الأشياء غيره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ} (7)

هذا عود إلى مواجهة المشركين بالتذكير على نحو ما ابتدأت به السورة . وهو تخلّص للاستدلال على تفرد الله بالإلهية إلزاماً لهم بما يُقرّون به من أنه ربّ السماوات والأرض وما بينهما ، ويُقرون بأن الأصنام لا تخلق شيئاً ، غير أنهم مُعرضون عن نتيجة الدليل ببطلان إلهية الأصنام ألاَ ترى القرآن يكرر تذكيرهم بأمثال هذا مثل قوله تعالى : { أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون } [ النحل : 17 ] وقوله : { والذين تدْعُون من دون الله لا يخلقُون شيئاً وهم يُخلَقون أمواتٌ غير أحياء } [ النحل : 20 ، 21 ] ، ولأجل ذلك ذَكر الربوبية إجمالاً في قوله : { رحمة من ربك } [ الدخان : 6 ] ثم تفصيلاً بذكر صفة عموم العلم التي هي صفة المعبود بحق بصيغة قصر القلب المشير إلى أن الأصنام لا تسمع ولا تعلم . وبذكر صفة التكوين المختصة به تعالى بإقرارهم ارتقاءً في الاستدلال . فلما لم يكن مجال للريب في أنه تعالى هو الإله الحق أعقب هذا الاستدلال بجملة { إن كنتم موقنين } بطريقة إثارة التيقظ لعقولهم إذ نزلهم منزلة الْمَشْكُوككِ إيقانُهم لعدم جريهم على موجب الإيقان لله بالخالقية حين عبدوا غيره بأنْ أُتي في جانب فرض إيقانهم بطريقة الشرط ، وأُتي بحرف الشرط الذي أصله عدم الجزم بوقوع الشرط على نحو قوله تعالى : { أفنضرب عنكم الذكر صفحاً إنْ كنتم قوماً مسرفين } [ الزخرف : 5 ] .

وقرأ الجمهور { رب السموات } برفع { ربُّ } على أنه خبر مبتدأ محذوف ، وهو من حذف المسند إليه لمتابعة الاستعمال في مثله بعد إجراء أخبار أو صفات عن ذات ثم يردف بخبر آخر ، ومن ذلك قولهم بعد ذكر شخص : فتًى يفعل ويفعل . وهو من الاستئناف البياني إذ التقدير : إن أردت أن تعرفه فهو كذا . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف بجر { رب } على أنه بَدَلٌ من قوله : { ربِّك } [ الدخان : 6 ] .

وحذف متعلق { موقنين } للعلم به من قوله : { رب السماوات والأرض وما بينهما } . وجواب الشرط محذوف دل عليه المقام . والتقدير : إن كنتم موقنين فلا تعبدوا غيره ، ولذلك أعقبه بجملة { لا إله إلا هو } [ الدخان : 8 ] .