تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَيُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ وَكَذَٰلِكَ تُخۡرَجُونَ} (19)

{ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ } كما يخرج النبات من الأرض الميتة والسنبلة من الحبة والشجرة من النواة والفرخ من البيضة والمؤمن من الكافر ، ونحو ذلك .

{ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ } بعكس المذكور { وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } فينزل عليها المطر وهي ميتة هامدة فإذا أنزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج { وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } من قبوركم .

فهذا دليل قاطع وبرهان ساطع أن الذي أحيا الأرض بعد موتها فإنه يحيي الأموات ، فلا فرق في نظر العقل بين الأمرين ولا موجب لاستبعاد أحدهما مع مشاهدة الآخر .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَيُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ وَكَذَٰلِكَ تُخۡرَجُونَ} (19)

القول في تأويل قوله تعالى : { يُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَيّ وَيُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } .

يقول تعالى ذكره : صَلّوا في هذه الأوقات التي أمركم بالصلاة فيها أيها الناس ، لله الذي يخرج الحيّ من الميت ، وهو الإنسان الحيّ من الماء الميت ، ويخرج الماء الميت من الإنسان الحيّ ويُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها فينبتها ، ويخرج زرعها بعد خرابها وجدوبها وكذلكَ تُخْرَجُونَ يقول : كما يحيي الأرض بعد موتها ، فيخرج نباتها وزرعها ، كذلك يحييكم من بعد مماتكم ، فيخرجكم أحياء من قبوركم إلى موقف الحساب .

وقد بيّنا فيما مضى قبل تأويل قوله : يُخْرِجُ الحَيّ مِنَ المَيّتِ ، ويُخْرِجُ المَيّتَ مِنَ الحَيّ ، وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع ، غير أنا نذكر بعض ما لم نذكر من الخبر هنالك إن شاء الله .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يُخْرِجُ الحَيّ مِنَ المَيّتِ ، ويُخْرِجُ المَيّتَ مِنَ الحَيّ قال : يخرج من الإنسان ماء ميتا فيخلق منه بشرا ، فذلك الميت من الحيّ ، ويخرج الحيّ من الميت ، فيعني بذلك أنه يخلق من الماء بشرا ، فذلك الحيّ من الميت .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، عن الحسن ، قوله يُخْرِجُ الحَيّ مِنَ المَيّتِ ، ويُخْرِجُ المَيّتَ مِنَ الحَيّ المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير وأبو معاوية عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله يُخْرِجُ الحَيّ مِنَ المَيّتِ ، ويُخْرِجُ المَيّتَ مِنَ الحَيّ قال : النّطْفة ماء الرجل ميتة وهو حيّ ، ويخرج الرجل منها حيا وهي ميتة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَيُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ وَكَذَٰلِكَ تُخۡرَجُونَ} (19)

{ الحي } و { الميت } في هذه الآية يستعمل حقيقة ويستعمل مجازاً ، فالحقيقة المني يخرج منه الإنسان والبيضة يخرج منها الطائر وهذه بعينها ميتة تخرج من حي وما جرى هذا المجرى ، وبهذا المعنى فسر ابن عباس وابن مسعود وقال الحسن : المعنى المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن .

قال الفقيه الإمام القاضي : وروي هذ المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية عندما كلمته بالإسلام أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، والمجاز{[9294]} إخراج النبات الأخضر من الأرض وإخراج الطعم من النبات وما جرى هذا المجرى ، ومثل بعد إحياء الأرض بالمطر بعد موتها بالدثور والعطش ، ثم بعد هذا الأمثلة القاضية بتجويز بعث الأجساد عقلاً ساق الخبر بأن كذلك خروجنا من القبور . وقرأت فرقة فرقة «يخرجون » بالياء من تحت ، وقرأ عامة القراء «تُخرجون » بالتاء المضمومة ، وقرأ الحسن وابن وثاب والأعمش وطلحة بفتح التاء وضم الراء .


[9294]:هذا هو المقابل لقول ابن عطية : "فالحقيقة : المني يخرج من الإنسان".