تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَيُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ وَكَذَٰلِكَ تُخۡرَجُونَ} (19)

الآية 19 وقوله تعالى : { يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي } يخبر عن قدرته في إنشاء الأشياء مبتدئا لا من أصل ، لأنه قال : { يخرج الحي من الميت } والميت ليس فيه حياة ، وكذلك { الميت من الحي } وليس في الحي موت . ولكنه يخرج هذا من هذا على ابتداء الحياة فيه وابتداء الموت فيه من غير أن كان فيه ما ذكر .

ثم اختلف فيه أهل التأويل : قال بعضهم : يخرج الناس والدواب والطير من النطف { ويخرج الميت } يعني النطف { من الحي } من الناس والدواب والطير .

وقال بعضهم : { يخرج الحي من الميت } أي المسلم من الكافر { ويخرج الميت من الحي } أي الكافر من المسلم .

ولكن يجيء على هذا أن يقول : يخرج من المسلم ما لا يكون كافرا ومن الكافر ما لم يصر مسلما ، لأن ما يخرج لا يوصف بالإسلام ولا بالكفر ، ولا ينسب إلى واحد منهما وقت الخروج حتى يبلغ ، فيكون منه فعل الكفر أو فعل الإسلام . وقد ذكرنا هذا في ما تقدم .

وفي الآيات التي تقدم ذكرها من نحو قوله : { أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } الآية وقوله : { أو لم يسيروا في الأرض } الآية [ الروم : 8 و 9 ] وأمثال ذلك ما يذكر ، ويخبر أولئك الكفرة عن قدرته وسلطانه ، وألزمهم ذلك .

وفي الآية نقض قول المعتزلة لأنهم لا يجعلون القدرة على فعل بعوضة ، فلا يكون لهم الاحتجاج على أولئك الكفرة في القدرة على الإعادة والإنشاء بعد ما صاروا رمادا ، أو كلام نحو هذا .

وقوله تعالى : { وكذلك تخرجون } أي كذلك تبعثون ، وتحيون ، كما أخرج الحي من الميت والميت من الحي من غير أن كانت الحياة في الميت والموت في الحي ، والله أعلم .