اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَيُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ وَكَذَٰلِكَ تُخۡرَجُونَ} (19)

قوله : { يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحي } . قد تقدم اختلاف القراء في تخفيف الميت{[41896]} وتثقيله وكذلك قوله «تُخْرَجُونَ » في سورة الأعراف{[41897]} ، و «كَذَلِكَ » نعت مصدر محذوف أي ومثل ذلك الإخراج العجيب تُخْرَجُونَ{[41898]} .

واعلم أن وجه تعلق إخراج الحي من الميت والميت من الحي بما قبله هو أن عند الإصباح يخرج الإنسان من سُنَّةِ النَّوْم{[41899]} وهو النوم إلى سنة الوجود وهي اليقظة وعند العشاء يخرج الإنسان من اليقظة إلى النوم . واختلف المفسرون في قوله : { يخرج الحي من الميت } فقال أكثرهم يخرج الدجاجة من البيضة ، والبيضة من الدجاجة وكذلك الحيوان من النطفة والنطفة من الحيوان . وقيل : يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ثم قال : { وَيُحْيِي الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا } وفي هذا معنى لطيف وهو أن الإنسان بالموت تبطل حواسه ، وأما نفسه الناطقة فتفارقه{[41900]} ، وتبقى بعده كما قال : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الذين قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتاً } [ آل عمران : 169 ] لكن الحيوان نام متحرك حساس لكن النائم لا يتحرك ، ولا يُحس ، والأرض الميتة{[41901]} لا يكون فيها نماء ، ( ثم{[41902]} ) النائم بالانتباه يتحرك ويحس والأرض بعد موتها ( ينمو{[41903]} ) نباتها ، فكما أن تحريك ذلك الساكن وهذا الواقف سهل على الله ، كذلك إحياء الميت سهل على الله ، وإلى هذا أشار بقوله «وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ » .


[41896]:قول الله تعالى: "وتخرج الحي من الميت" وهي الآية 27 من آل عمران؛ فقد قرأ حفص ونافع وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب وخلف بتشديد الياء المكسورة والباقون بالتخفيف، انظر الإتحاف 173 و 347، والسبعة 203 واللباب 2/13.
[41897]:يقصد قول الله "قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون" وهي الآية 25 من الأعراف فمن القراء من يقرأ بفتح الأول وضمّ الراء وهم حمزة والكسائي وخلف أي بالبناء للفاعل وغيرهم بالبناء للمفعول انظر: الإتحاف 223 و 347 و 348 والسبعة 506.
[41898]:الدر المصون 4/318.
[41899]:في "ب"- وهو الأصح- الموت.
[41900]:في "ب" تفارقه.
[41901]:في "ب" الميت.
[41902]:ساقط من "ب".
[41903]:كذلك ساقط من "ب".