تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَٰهُم بِٱلۡحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (168)

وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأرْضِ أُمَمًا أي : فرقناهم ومزقناهم في الأرض بعد ما كانوا مجتمعين ، مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ القائمون بحقوق اللّه ، وحقوق عباده ، وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ أي : دون الصلاح ، إما مقتصدون ، وإما ظالمون لأنفسهم ، وَبَلَوْنَاهُمْ على عادتنا وسنتنا ، بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ أي : بالعسر واليسر .

لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عما هم عليه مقيمون من الردى ، يراجعون ما خلقوا له من الهدى ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَٰهُم بِٱلۡحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (168)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَطّعْنَاهُمْ فِي الأرْضِ أُمَماً مّنْهُمُ الصّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسّيّئَاتِ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ } . .

يقول تعالى ذكره : وفرّقنا بني إسرائيل في الأرض أمما ، يعني جماعات شتى متفرّقين . كما :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، عن يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن حبير ، عن ابن عباس : وَقَطّعناهُمْ فِي الأرْضِ أُمَما قال : في كلّ أرض يدخلها قوم من اليهود .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَقَطّعناهُمْ فِي الأرْضِ أُمَما قال : يهود .

وقوله : مِنْهُمُ الصّالِحُونَ يقول : من هؤلاء القوم الذين وصفهم الله من بني إسرائيل الصالحون ، يعني : من يؤمن بالله ورسله . وَمِنْهُمْ دُونَ ذلكَ يعني : دون الصالح . وإنما وصفهم الله جلّ ثناؤه بأنهم كانوا كذلك قبل ارتدادهم عن دينهم وقبل كفرهم بربهم ، وذلك قبل أن يُبعث فيهم عيسى ابن مريم صلوات الله عليه .

وقوله : وَبَلَوْناهُمْ بالحَسَناتِ وَالسّيّئاتِ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ يقول : واختبرناهم بالرخاء في العيش ، والخفض في الدنيا ، والدعة والسعة في الرزق ، وهي الحسنات التي ذكرها جلّ ثناؤه . ويعني بالسيئات : الشدّة في العيش ، والشظف فيه ، والمصائب والرزايا في الأموال . لَعلّهُمْ يَرْجِعُونَ يقول : ليرجعوا إلى طاعة ربهم ، وينيبوا إليها ، ويتوبوا من معاصيه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَٰهُم بِٱلۡحَسَنَٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (168)

{ وقطعناهم } معناه فرقناهم في الأرض ، قال الطبري عن جماعة من المفسرين : ما في الأرض بقعة إلا وفيها معشر من اليهود ، والظاهر في المشار إليهم في هذه الآية أنهم الذين بعد سليمان وقت زوال ملكهم ، والظاهر أنه قبل مدة عيسى عليه السلام لأنه لم يكن فيهم صالح بعد كفرهم بعيسى صلى الله عليه وسلم ، وفي التواريخ في هذا الفصل روايات مضطربة ، و { الصالحون } و { دون ذلك } ألفاظ محتملة أن يدعها صلاح الإيمان ف { دون } بمعنى غير يراد بها الكفرة ، وإن أريد بالصلاح العبادة والخير وتوابع الإيمان ف { دون ذلك } يحتمل أن يكون في مؤمنين ، و { بلوناهم } معناه امتحناهم ، و { الحسنات } الصحة والرخاء ونحو هذا مما هو بحسب رأي ابن آدم ونظره ، و { السيئات } مقابلات هذه ، وقوله : { لعلهم } أي بحسب رأيكم لو شاهدتم ذلك ، والمعنى لعلهم يرجعون إلى الطاعة ويتوبون من المعصية .