{ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } وهذا شيء يحير العقول ، إن خلق جميع الخلق - على كثرتهم وبعثهم بعد موتهم ، بعد تفرقهم في لمحة واحدة - كخلقه نفسا واحدة ، فلا وجه لاستبعاد البعث والنشور ، والجزاء على الأعمال ، إلا الجهل بعظمة اللّه وقوة قدرته .
ثم ذكر عموم سمعه لجميع المسموعات ، وبصره لجميع المبصرات فقال : { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }
القول في تأويل قوله تعالى : { مّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنّ اللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } .
يقول تعالى ذكره : ما خلقكم أيها الناس ولا بعثكم على الله إلاّ كخلق نفس واحدة وبعثها ، وذلك أن الله لا يتعذّر عليه شيء أراده ، ولا يمتنع منه شيء شاءه إنّما أَمْرُهُ إذَا أرَادَ شَيْئا أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فسواء خَلْق واحد وبعثه ، وخلق الجميع وبعثهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثني أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ يقول : كن فيكون ، للقليل والكثير .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إلاّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ قال : يقول : إنما خَلْقُ الله الناسَ كلّهم وبعثُهم كخلق نفس واحدة وبعثها ، وإنما صلح أن يقال : إلاّ كنفس واحدة ، والمعنى : إلاّ كخلق نفس واحدة ، لأن المحذوف فعل يدلّ عليه قوله ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ والعرب تفعل ذلك في المصادر ، ومنه قول الله : تَدُورُ أعْيُنُهُمْ كالّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ والمعنى : كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت ، فلم يذكر الدوران والعين لما وصفت .
وقوله : إنّ اللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ يقول تعالى ذكره : إن الله سميع لما يقول هؤلاء المشركون ويفترونه على ربهم ، من ادّعائهم له الشركاء والأنداد وغير ذلك من كلامهم وكلام غيرهم ، بصير بما يعملونه وغيرهم من الأعمال ، وهو مجازيهم على ذلك جزاءهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.