تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَلَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (93)

{ 93 } { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .

أي : { لَوْ شَاءَ اللَّهُ } ، لجمع الناس على الهدى وجعلهم : { أُمَّةً وَاحِدَةً } ، ولكنه تعالى المنفرد بالهداية والإضلال ، وهدايته وإضلاله من أفعاله التابعة لعلمه وحكمته ، يعطي الهداية من يستحقها فضلا ، ويمنعها من لا يستحقها عدلا . { وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ، من خير وشر ، فيجازيكم عليها أتم الجزاء وأعدله .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَلَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (93)

ثم بين - سبحانه - أن قدرته لا يعجزها شيء ، فقال - تعالى - : { وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ } ، أيها الناس ، { أمة واحدة } ، متفقة على الحق ، { ولكن } لحكم يعلمها ولا تعلمونها ، ولسنن وضعها في خلقه ، { يُضِلُّ مَن يَشَآءُ } ، إضلاله لاستحبابه العمى على الهدى ، وإيثاره الغي على الرشد ، { وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ } هدايته ، لحسن استعداده ، وسلامة اختياره ، ونهيه النفس عن الهوى .

{ ولتسألن } ، أيها الناس يوم القيامة سؤال محاسبة ومجازاة ، { عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } في الدنيا ، فيثيب الطائعين بفضله ، ويعاقب العصاة بعدله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَلَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (93)

وقوله تعالى : { ولو شاء الله } الآية ، أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه يبتلي عباده بالأوامر والنواهي ليذهب كل أحد إلى ما يسر له ، وذلك منه تعالى بحق الملك ، وأنه لا يسأل عما يفعل ، ولو شاء لكان الناس كلهم في طريق واحد ، إما في هدى وإما في ضلالة ، ولكنه تعالى شاء أن يفرق بينهم ، ويخص قوماً بالسعادة وقوماً بالشقاوة ، و { يضل } و { يهدي } ، معناه يخلق ذلك في القلوب خلافاً لقول المعتزلة ، ثم توعد في آخر الآية بسؤال كل أحد يوم القيامة عن عمله ، وهذا سؤال توبيخ ، وليس ثم سؤال تفهم ، وذلك هو المنفي في آيات .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَلَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (93)

لما أحال البيان إلى يوم القيامة زادهم إعلاماً بحكمة هذا التأخير فأعلمهم أنه قادر على أن يبيّن لهم الحقّ من هذه الدار فيجعلهم أمّة واحدة . ولكنه أضلّ من شاء ، أي خلق فيه داعية الضلال ، وهدى من شاء ، أي خلق فيه داعية الهُدى . وأحال الأمر هنا على المشيئة إجمالاً ، لتعذّر نشر مطاوي الحكمة من ذلك .

ومرجعها إلى مشيئة الله تعالى أن يخلق الناس على هذا الاختلاف الناشىء عن اختلاف أحوال التفكير ومراتب المدارك والعقول ، وذلك يتولّد من تطوّرات عظيمة تعرض للإنسان في تناسله وحضارته وغير ذلك مما أجمله قوله تعالى : { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون } [ سورة الانشقاق : 25 ] . وهذه المشيئة لا يطّلع على كنهها إلا الله تعالى وتظهر آثارها في فرقة المهتدين وفرقة الضالين .

ولما كان قوله : { ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء } قد يغترّ به قصّار الأنظار فيحسبون أن الضالين والمهتدين سواء عند الله وأن الضالين معذورون في ضلالهم إذ كان من أثر مشيئة الله فعقّب ذلك بقوله : { ولتسألن عما كنتم تعملون } مؤكّداً بتأكيدين كما تقدم نظيره آنفاً ، أي عما تعملون من عللِ ضلالٍ أو عمل هدى .

والسؤال : كنية عن المحاسبة ، لأنه سؤال حكيم تترتّب عليه الإنارة وليس سؤال استطلاع .