الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَلَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (93)

{ وَلَوْ شَاء الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحدة } ، حنيفة مسلمة على طريق الإلجاء والاضطرار ، وهو قادر على ذلك . { ولكن } الحكمة اقتضت أن يضلّ { مَن يَشَآء } ، وهو أن يخذل من علم أنه يختار الكفر ويصمم عليه ، { وَيَهْدِى مَن يَشَاء } ، وهو أن يلطف بمن علم أنه يختار الإيمان . يعني : أنه بنى الأمر على الاختيار ، وعلى ما يستحق به اللطف والخذلان والثواب والعقاب ، ولم يبنه على الإجبار الذي لا يستحق به شيء من ذلك ، وحققه بقوله : { وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، ولو كان هو المضطرّ إلى الضلال والاهتداء ، لما أثبت لهم عملا يسئلون عنه .