تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24)

وذلك بسبب أنهم { هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ } الذي أفضله وأطيبه كلمة الإخلاص ، ثم سائر الأقوال الطيبة التي فيها ذكر الله ، أو إحسان إلى عباد الله ، { وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ } أي : الصراط المحمود ، وذلك ، لأن جميع الشرع كله محتو على الحكمة والحمد ، وحسن المأمور به ، وقبح المنهي عنه ، وهو الدين الذي لا إفراط فيه ولا تفريط ، المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح . أو : وهدوا إلى صراط الله الحميد ، لأن الله كثيرا ما يضيف الصراط إليه ، لأنه يوصل صاحبه إلى الله ، وفي ذكر { الحميد } هنا ، ليبين أنهم نالوا الهداية بحمد ربهم ومنته عليهم ، ولهذا يقولون في الجنة : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ } واعترض تعالى بين هذه الآيات بذكر سجود المخلوقات له ، جميع من في السماوات والأرض ، والشمس ، والقمر ، والنجوم ، والجبال ، والشجر ، والدواب ، الذي يشمل الحيوانات كلها ، وكثير من الناس ، وهم المؤمنون ، { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ } أي : وجب وكتب ، لكفره وعدم إيمانه ، فلم يوفقه للإيمان ، لأن الله أهانه ، { وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ } ولا راد لما أراد ، ولا معارض لمشيئته ، فإذا كانت المخلوقات كلها ساجدة لربها ، خاضعة لعظمته ، مستكينة لعزته ، عانية لسلطانه ، دل على أنه وحده ، الرب المعبود ، والملك المحمود ، وأن من عدل عنه إلى عبادة سواه ، فقد ضل ضلالا بعيدا ، وخسر خسرانا مبينا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24)

وقوله - تعالى - : { وهدوا إِلَى الطيب مِنَ القول وهدوا إلى صِرَاطِ الحميد } بيان لحسن خاتمتهم ، ولعظم النعم التى أنعم الله بها عليهم .

أى : وهدى الله - تعالى - هؤلاء المؤمنين إلى القول الطيب الذى يرضى الله - تعالى - عنهم ، كأن يقولون عند دخولهم الجنة : { . . . الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الذي أَحَلَّنَا دَارَ المقامة مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } وهداهم - أيضا - خالقهم إلى الصراط المحمود ، وهو صراط الذين أنعم الله عليهم بنعمة الإيمان والإسلام ، فصاروا بسبب هذه النعمة يقولون الأقوال الطيبة ، ويفعلون الأفعال الحميدة .

قال الشوكانى : قوله : { وهدوا إِلَى الطيب مِنَ القول . . . } أى : أرشدوا إليه . قيل : هو لا إله إلا الله . وقيل : القرآن . وقيل : هو ما يأتيهم من الله من بشارات . وقد ورد فى القرآن ما يدل على هذا القول المجمل هنا ، وهو قوله - سبحانه - : { الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ . . } { الحمد للَّهِ الذي هَدَانَا لهذا . . } { الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن . . } ومعنى : { وهدوا إلى صِرَاطِ الحميد } أنهم أرشدوا إلى الصراط المحمود وهو طريق الجنة ، أو صراط الله الذى هو دينه القويم وهو الإسلام .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24)

{ وهدوا إلى الطيب من القول } وهو قولهم { الحمد لله الذي صدقنا وعده } أو كلمة التوحيد . { وهدوا إلى صراط الحميد } المحمود نفسه أو عاقبته وهو الجنة ، أو الحق أو المستحق لذاته الحمد وهو الله سبحانه وتعالى وصراطه الإسلام .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24)

و { الطيب من القول } لا إله إلاَّ الله وما جرى معها من ذكر الله تعالى وتسبيحه وتقديسه وسائر كلام أهل الجنة من محاورة وحديث طيب فإنها لا تسمع فيها لاغية ، و { صراط الحميد } هو طريق الله تعالى الذي دعا عباده إليه ، ويحتمل أن يريد ب { الحميد } نفس الطريق فأضاف إليه على حد إضافته في قوله { دار الآخرة }{[8338]} [ الأنعام : 32 ، يوسف 109 ، النحل : 30 ] .


[8338]:من قوله تعالى: {ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون} من الآية (109) من سورة (يوسف) ـ وتكررت في قوله تعالى في الآية (30) من سورة (النحل): {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين}.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَهُدُوٓاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَهُدُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡحَمِيدِ} (24)

معنى { وهدوا إلى الطيب من القول } أن الله يرشدهم إلى أقوال ، أي يُلهمهم أقوالاً حسنة يقولونها بينهم ، وقد ذُكر بعضها في قوله تعالى : { دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } [ يونس : 10 ] وفي قوله : { وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين } [ الزمر : 74 ] .

ويجوز أن يكون المعنى : أنهم يرشدون إلى أماكن يسمعون فيها أقوالاً طيبة . وهو معنى قوله تعالى : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } [ الرعد : 24 ] . وهذا أشد مناسبة بمقابلة مما يسمعه أهل النار في قوله : { وذوقوا عذاب الحريق } [ الحج : 22 ] .

وجملة { وهدوا إلى صراط الحميد } معترضة في آخر الكلام ، والواو للاعتراض ، هي كالتكملة لوصف حسن حالهم لمناسبة ذكر الهداية في قوله : { وهدوا إلى الطيب من القول } ، ولم يسبق مقابل لمضمون هذه الجملة بالنسبة لأحوال الكافرين وسيجيء ذكر مقابلها في قوله : { إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله } إلى قوله : { نذقه من عذاب أليم } [ الحج : 25 ] وذلك من أفانين المقابلة . والمعنى : وقد هُدُوا إلى صراط الحميد في الدنيا ، وهو دين الإسلام ، شبه بالصراط لأنه موصل إلى رضى الله .

والحميد من أسماء الله تعالى ، أي المحمود كثيراً فهو فعيل بمعنى مفعول ، فإضافة { صراط } إلى اسم « الله » لتعريف أيّ صراط هو . ويجوز أن يكون { الحميد } صفة ل { صراط ، } أي المحمود لسالكه . فإضافة صراط إليه من إضافة الموصوف إلى الصفة ، والصراط المحمود هو صراط دين الله . وفي هذه الجملة إيماء إلى سبب استحقاق تلك النعم أنه الهداية السابقة إلى دين الله في الحياة الدنيا .