تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

{ 20 - 21 } { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

هذا شروع في تعداد آياته الدالة على انفراده بالإلهية وكمال عظمته ، ونفوذ مشيئته وقوة اقتداره وجميل صنعه وسعة رحمته وإحسانه فقال : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ } وذلك بخلق أصل النسل آدم عليه السلام { ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ } [ أي : الذي خلقكم من أصل واحد ومادة واحدة ] {[1]} وبثكم في أقطار الأرض [ وأرجائها ففي ذلك آيات على أن الذي أنشأكم من هذا الأصل وبثكم في أقطار الأرض ]{[2]} هو الرب المعبود الملك المحمود والرحيم الودود الذي سيعيدكم بالبعث بعد الموت .


[1]:- هذا التنبيه جعله الشيخ -رحمه الله- على غلاف المجلد الأول فصدرت به التفسير كما فعل -رحمه الله-.
[2]:- في ب: وأسقامها.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

ثم أورد - سبحانه - بعد ذلك أنواعا من الأدلة على قدرته التى لا يعجزها شئ ، فقال - تعالى - { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } .

والآيات : جمع آية ، وتطلق على الآية القرآنية ، وعلى الشئ العجيب ، كما فى قوله - تعالى - : { وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } والمراد بها هنا : الأدلة الواضحة ، والبراهين الساطعة ، الدالة على وحدانية الله - تعالى - وقدرته .

والمعنى : ومن آياته - سبحانه - الدالة على عظمته ، وعلى كمال قدرته ، أنه خلقكم من تراب ، أى : خلق أباكم آدم من تراب ، وأنتم فروع عنه .

و " إذ " فى قوله : { ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } هى الفجائية .

أى : خلقكم بتلك الصورة البديعة من مادة التراب التى لا يرى فيها رائحة للحياة ، ثم صرتم بعد خَلْقِنا إياكم فى أطوار متعددة ، بشرا تنتشرون فى الأرض ، وتمشون فى مناكبها ، وتتقلبون فيها تارة عن طريق الزراعة ، وتارة عن طريق التجارة ، وتارة عن طريق الأسفار . . كل ذلك طلبا للرزق ، ولجمع الأموال .

وعبر - سبحانه - بثم المفيدة للتراخى ، لأن انتشارهم فى الأرض لا يتأتى إلا بعد مرورهم بأطوار متعددة ، منها أطوار خلقهم فى بطون أمهاتهم ، وأطوار طفولتهم وصباهم ، إلى أن يبلغوا سن الرشد .

قال الشوكانى : وإذا الفجائية وإن كانت أكثر ما تقع بعد الفاء لكنها وقعت هنا بعد ثم ، بالنسبة إلى ما يليق بهذه الحالة الخاصة ، وهى أطوار الإِنسان ، كما حكاها الله - تعالى - فى مواضع ، من كونه نطفة ، ثم مضغة ، ثم عظمها مكسوها لحما .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

يقول تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ } الدالة على عظمته وكمال قدرته أنه خلق أباكم آدم من تراب ، { ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ } ، فأصلكم من تراب ، ثم من ماء مهين ، ثم تَصَوّر فكان علقة ، ثم مضغة ، ثم صار عظاما ، شكله على شكل الإنسان ، ثم كسا الله تلك العظام لحما ، ثم نفخ فيه الروح ، فإذا هو سميع بصير . ثم خرج من بطن أمه صغيرا ضعيف القوى والحركة ، ثم كلما طال عمره تكاملت قواه وحركاته حتى آل به الحال إلى أن صار يبني المدائن والحصون ، ويسافر في أقطار الأقاليم ، ويركب متن البحور ، ويدور أقطارَ الأرض ويتكسب ويجمع الأموال ، وله فكرة وغور ، ودهاء ومكر ، ورأي وعلم ، واتساع في أمور الدنيا والآخرة كل بحسبه . فسبحان مَنْ أقدرهم وسَيّرهم وسخرهم وصرفهم في فنون المعايش والمكاسب ، وفاوت بينهم في العلوم والفكرة ، والحسن والقبح ، والغنى والفقر ، والسعادة والشقاوة ؛ ولهذا قال تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ } .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد وغُنْدَر ، قالا حدثنا عَوْف ، عن قسامة بن زهير{[22795]} ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك ، والخبيث والطيب ، والسهل والحزن ، وبين ذلك " .

ورواه أبو داود والترمذي من طرق ، عن عوف الأعرابي ، به{[22796]} . وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .


[22795]:- في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده".
[22796]:- المسند (4/400) وسنن أبي داود برقم (3693) وسنن الترمذي برقم (2955).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

{ ومن آياته أن خلقكم من تراب } أي في أصل الإنشاء لأنه خلق أصلهم منه . { ثم إذا أنتم بشر تنتشرون } ثم فاجأتم وقت كونكم بشرا منتشرين في الأرض .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

و { من } في قوله { ومن آياته أن خلقكم } للتبعيض ، وقال { خلقكم } من حيث خلق أباهم آدم قاله قتادة ، و { تنتشرون } معناه تتصرفون وتتفرقون في الأغراض والأسفار ونحوها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ومن آياته} يعني ومن علامات ربكم أنه واحد عز وجل، وإن لم تروه فاعرفوا توحيده بصنعه، {أن خلقكم من تراب} يعني آدم صلى الله عليه وسلم خلقه من طين،

{ثم إذا أنتم بشر} يعني ذرية آدم بشر.

{تنتشرون} في الأرض، يعني تتبسطون في الأرض، كقوله سبحانه: {وينشر} [الشورى: 28] يعني ويبسط رحمته...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ومن حُججه على أنه القادر على ما يشاء أيها الناس من إنشاء وإفناء، وإيجاد وإعدام، وأن كل موجود فخلقه، خلقة أبيكم من تراب، يعني بذلك خلق آدم من تراب، فوصفهم بأنه خلقهم من تراب، إذ كان ذلك فعله بأبيهم آدم كنحو الذي قد بيّنا فيما مضى من خطاب العرب من خاطبت بما فعلت بسلفه من قولهم: فعلنا بكم وفعلنا.

وقوله:"ثُمّ إذَا أنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ" يقول: ثم إذا أنتم معشر ذرّية من خلقناه من تراب بشر تنتشرون، يقول: تتصرّفون.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ومن آياته} يحتمل... آيات بعثه وإحيائه، وآيات رسالة الرسل ونحوها.

{أن خلقكم من تراب} يخرج على وجوه:

...

...

...

الثاني: نسبنا إلى التراب لما جعل أغذيتنا وما به قوام أنفسنا وأبداننا في الخارج من التراب. فإنما هو إخبار بما به قوام أنفسنا وأبداننا، وإن لم نخلق من التراب من الأصل. فيخبر، والله أعلم، أنكم لا تتصورون خلق الجسم إن لم تشاهدوا تلك الطينة التي منها تكون الأجسام بعد مشاهدة طينتها ومعاينتكم إياها، ورأيتم القدرة له على خلقها قبل أن تشاهدوا طينتها. والثالث: نسب خلقنا إلى التراب، وهو آدم على ما ذكرنا. إلا أن قوله: {خلقكم} أي قدركم من ذلك الأصل. والتخليق هو التقدير في اللغة.

{تنتشرون}...أي تتفرقون في حوائجكم في طلب أغذيتكم وما به قوام أنفسكم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

و {إِذَآ} للمفاجأة. وتقديره: ثم فاجأتهم وقت كونكم بشراً منتشرين في الأرض...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

لما أمر الله تعالى بالتسبيح عن الأسواء وذكر أن الحمد له على خلق جميع الأشياء وبين قدرته على الإماتة والإحياء بقوله: {فسبحان الله} إلى قوله: {وكذلك تخرجون} ذكر ما هو حجة ظاهرة وآية باهرة على ذلك ومن جملتها خلق الإنسان من تراب وتقريره هو أن التراب أبعد الأشياء عن درجة الأحياء، وذلك من حيث كيفيته فإنه بارد يابس والحياة بالحرارة والرطوبة، ومن حيث لونه فإنه كدر والروح نير، ومن حيث فعله فإنه ثقيل والأرواح التي بها الحياة خفيفة، ومن حيث السكون فإنه بعيد عن الحركة والحيوان يتحرك يمنة ويسرة وإلى خلف وإلى قدام وإلى فوق وإلى أسفل، وفي الجملة فالتراب أبعد من قبول الحياة عن سائر الأجسام.

فالله الذي خلق من أبعد الأشياء عن مرتبة الأحياء حيا هو في أعلى المراتب لا يكون إلا منزها عن العجز والجهل، ويكون له الحمد على إنعام الحياة، ويكون له كمال القدرة ونفوذ الإرادة فيجوز منه الإبداء والإعادة.

وفي الآية لطيفتان؛

إحداهما: قوله: {إذا} وهي للمفاجأة يقال خرجت فإذا أسد بالباب وهو إشارة إلى أن الله تعالى خلقه من تراب بكن فكان، لا أنه صار معدنا ثم نباتا ثم حيوانا ثم إنسانا وهذا إشارة إلى مسألة حكمية، وهي أن الله تعالى يخلق أولا إنسانا فينبهه أنه يحيي حيوانا وناميا وغير ذلك لا أنه خلق أولا حيوانا، ثم يجعله إنسانا فخلق الأنواع هو المراد الأول، ثم تكون الأنواع فيها الأجناس بتلك الإرادة الأولى، فالله تعالى جعل المرتبة الأخيرة في الشيء البعيد عنها غاية من غير انتقال من مرتبة إلى مرتبة من المراتب التي ذكرناها.

اللطيفة الثانية: قوله: {بشر} إشارة إلى القوة المدركة، لأن البشر بشر لا بحركته، فإن غيره من الحيوانات أيضا كذلك وقوله: {تنتشرون} إلى القوة المحركة وكلاهما من التراب عجيب، أما الإدراك فلكثافته وجموده، وأما الحركة فلثقله وخموده.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد وغُنْدَر، قالا حدثنا عَوْف، عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب، والسهل والحزن، وبين ذلك". ورواه أبو داود والترمذي من طرق، عن عوف الأعرابي، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

... أسند الانتشار إلى المبتدأ المخاطب لا إلى الخبر لأن الخطاب أدل على المراد فقال: {تنتشرون} أي تبلغون بالنشر كل مبلغ بالانتقال من مكان إلى مكان مع العقل والنطق، ولم يختم هذه الآية بما ختم به ما بعدها دلالة على أنها جامعة لجميع الآيات، ودلالة على جميع الكمالات، وختم ما بعدها بذلك تنبيهاً على أن الناس أهملوا النظر فيها على وضوحها، وكان من حقهم أن يجعلوها نصب أعينهم، دلالة على كل ما نزلت به الكتب، وأخبرت به الرسل، وكذلك أكد في الإخبار إعلاماً بأنهم صاروا لإهمالها في حيز الإنكار...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

والتراب ميت ساكن؛ ومنه نشأ الإنسان. وفي موضع آخر في القرآن جاء: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين فالطين هو الأصل البعيد للإنسان. ولكن هنا يذكر هذا الأصل ويعقبه مباشرة بصورة البشر منتشرين متحركين. للمقابلة في المشهد والمعنى بين التراب الميت الساكن والبشر الحي المتحرك. وذلك بعد قوله: (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي) تنسيقا للعرض على طريقة القرآن. وهذه المعجزة الخارقة آية من آيات القدرة، وإيحاء كذلك بالصلة الوثيقة بين البشر وهذه الأرض التي يعيشورن عليها؛ و التي يلتقون بها في أصل تكوينهم، وفي النواميس التي تحكمها وتحكمهم في نطاق الوجود الكبير. والنقلة الضخمة من صورة التراب الساكن الزهيد إلى صورة الإنسان المتحرك الجليل القدر.. نقلة تثير التأمل في صنع الله؛ وتستجيش الضمير للحمد والتسبيح لله؛ وتحرك القلب لتمجيد الصانع المتفضل الكريم...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

سبقت ست آيات على الوحدانية، وابتدئت بكلمة {ومن آياته} تنبيهاً على اتحاد غرضها، فهذه هي الآية الأولى ولها شبه بالاستدلال على البعث لأن خلق الناس من تراب وبث الحياة والانتشار فيهم هو ضرب من ضروب إخراج الحي من الميت، فلذلك كانت هي الأولى في الذكر لمناسبتها لما قبلها فجعلت تخلصاً من دلائل البعث إلى دلائل عظيم القدرة.

على أنه يمكن أن يكون الاستدلال مبنياً على ما هو شائع بين البشر أن أصل الإنسان تراب حسبما أنبأت به الأديان كلها. وبهذا التأويل يصح أيضاً أن يكون معنى {خلقكم من تراب} خلق أصلكم وهو آدم، وأول الوجوه أظهرها. فالتراب موات لا حياة فيه وطبعه منافٍ لطبع الحياة لأن التراب بارد يابس وذلك طبع الموت، والحياةُ تقتضي حرارة ورطوبة فمن ذلك البارد اليابس ينشأ المخلوق الحي المدرك.

وقد أشير إلى الحياة والإدراك بقوله {إذا أنتم بشر}، وإلى التصرف والحركة بقوله {تنتشرون}.

ولما كان تمام البشرية ينشأ عن تطور التراب إلى نبات ثم إلى نطفة ثم إلى أطوار التخلق في أزمنة متتالية عطفت الجملة بحرف المهلة الدال على تراخي الزمن مع تراخي الرتبة الذي هو الأصل في عطف الجمل بحرف {ثم}.

وصدرت الجملة بحرف المفاجأة لأن الكون بشراً يظهر للناس فجأة بوضع الأجنة أو خروج الفراخ من البيض، وما بين ذلك من الأطوار التي اقتضاها حرف المهلة هي أطوار خفية غير مشاهدة؛ فكان الجمع بين حرف المهلة وحرف المفاجأة تنبيهاً على ذلك التطور العجيب. وحصل من المقارنة بين حرف المهلة وحرف المفاجأة شبه الطباق وإن كان مرجع كل من الحرفين غير مرجع الآخر.

الانتشار: الظهور على الأرض والتباعد بين الناس في الأعمال قال تعالى {فانتشروا في الأرض} [الجمعة: 10]...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

هذه الآيات مقسمة تقسيماً طريفاً من حيث «آيات الآفاق» و «آيات الأنفس» إذ تتحدث ثلاث منها عن آيات الأنفس (دلائل الخالق في وجود الإنسان نفسه) وثلاث منها عن آيات الآفاق (دلائل الخالق خارج وجود الإنسان) وواحدة من هذه الآيات تتحدث عن الآيات في الأنفس وفي الآفاق معاً...

وممّا ينبغي الالتفات إليه أنّ الآيات التي تبدأ بهذه العبارة: (ومن آياته) مجموعها إحدى عشرة آية فحسب، في سائر سور القرآن، سبع منها في هذه السورة، واثنتان في سورة فصلت هما «الآية 37 والآية 39» وآيتان أُخريان في سورة الشورى هما الآية 29 والآية 32 ومجموعها كما ذكرنا آنفاً إحدى عشرة لا غير. وهي تشكل دورة متكاملة في التوحيد...