تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة والليل وهي مكية

{ 1 - 21 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى * إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى * فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى }

هذا قسم من الله بالزمان الذي تقع فيه أفعال العباد على تفاوت أحوالهم ، فقال : { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى } [ أي : يعم ] الخلق بظلامه ، فيسكن كل إلى مأواه ومسكنه ، ويستريح العباد من الكد والتعب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الليل

مقدمة وتمهيد

1- سميت هذه السورة في معظم المصاحف سورة " الليل " وفي بعض كتب التفسير سميت بسورة " والليل " ، وعنون لها الإمام البخاري بسورة " والليل إذا يغشى " ، وعدد آياتها إحدى وعشرون آية .

وجمهور العلماء على أنها مكية ، وقال بعضهم : هي مدنية ، وقال آخرون : بعضها مكي ، وبعضها مدني ، والحق أن هذه السورة من السور المكية الخالصة ، وكان نزولها بعد سورة " الأعلى " وقبل سورة " القمر " ، فهي تعتبر السورة التاسعة في النزول من بين السور المكية .

قال الإمام الشوكاني . وهي مكية عند الجمهور ، فعن ابن عباس قال : نزلت سورة " والليل إذا يغشى " بمكة . وأخرج ابن مردويه عن الزبير مثله . .

وفي رواية عن ابن عباس أنه قال : إني لأقول إن هذه السورة نزلت في السماحة والبخل . . ( {[1]} ) .

وحقا ما قاله ابن عباس –رضي الله عنهما- ، فإن السورة الكريمة ، قد احتوت على بيان شرف المؤمنين ، وفضائل أعمالهم ، ومذمة المشركين ، وسوء فعالهم ، وأنه –تعالى- قد أرسل رسوله للتذكير بالحق ولإنذار المخالفين عن أمره –تعالى- أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .

أقسم الله - سبحانه - فى افتتاح هذه السورة بثلاثة أشياء ، على أن أعمال الناس مختلفة .

أقسم - أولا - بالليل فقال : { والليل إِذَا يغشى } أى : وحق الليل إذا يغشى النهار ، فيغطى ضياءه ، ويذهب نوره ، ويتحول الكون معه من حالة إلى حالة ، إذ عند حلول الليل يسكن الخلق عن الحركة ، ويأوى كل إنسان أو حيوان أو مأواه ، ويستقبلون النوم الذى فيه ما فيه من الراحة لأبدانهم ، كما قال - تعالى - : { وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً . وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً }


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الليل

وهي مكية .

تقدم قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ : " فهلا صليت ب " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى " " وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا " " وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى " ؟ .

قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا شعبة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن علقمة : أنه قدم الشام فدخل مسجد دمشق ، فصلى فيه ركعتين وقال : اللهم ، ارزقني جليسًا صالحًا . قال : فجلس إلى أبي الدرداء ، فقال له أبو الدرداء : ممن أنت ؟ قال : من أهل الكوفة . قال : كيف سمعت ابن أم عبد يقرأ : { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى } ؟ قال علقمة : " والذكر والأنثى " . فقال أبو الدرداء : لقد سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما زال هؤلاء حتى شككوني . ثم قال : ثم ألم يكن فيكم صاحب الوساد وصاحب السر الذي لا يعلمه أحد غيره ، والذي أجير من الشيطان على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ؟{[30152]} .

وقد رواه البخاري هاهنا ومسلم ، من طريق الأعمش ، عن إبراهيم قال : قدم أصحاب عبد الله على أبي الدرداء ، فطلبهم فوجدهم ، فقال : أيكم يقرأ على قراءة عبد الله ؟ قالوا : كلنا ، قال : أيكم أحفظ ؟ فأشاروا إلى علقمة ، فقال : كيف سمعته يقرأ : { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى } ؟ قال : " والذكر والأنثى " . قال : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هكذا ، وهؤلاء يريدوني أن أقرأ : { وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى } والله لا أتابعهم{[30153]} .

هذا لفظ البخاري : هكذا قرأ ذلك ابن مسعود ، وأبو الدرداء - ورفعه أبو الدرداء - وأما الجمهور فقرأوا ذلك كما هو مُثبَت في المصحف الإمام العثماني في سائر الآفاق : { وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى }

فأقسم تعالى ب { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى } أي : إذا غَشيَ الخليقةَ بظلامه ،

{ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى } أي : بضيائه وإشراقه ، { وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى } كقوله : { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا } [ النبأ : 8 ] ، وكقوله : { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } [ الذاريات : 49 ] .


[30152]:- (1) المسند (6/449) وتكملة الحديث "وصاحب الوساد: ابن مسعود، وصاحب السر: حذيفة، والذي أجير من الشيطان: عمار".
[30153]:- (2) صحيح البخاري برقم (4944) وصحيح مسلم برقم (824).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالْلّيْلِ إِذَا يَغْشَىَ * وَالنّهَارِ إِذَا تَجَلّىَ * وَمَا خَلَقَ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ * إِنّ سَعْيَكُمْ لَشَتّىَ * فَأَمّا مَنْ أَعْطَىَ وَاتّقَىَ * وَصَدّقَ بِالْحُسْنَىَ * فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَىَ * وَأَمّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىَ * وَكَذّبَ بِالْحُسْنَىَ * فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَىَ } .

يقول تعالى ذكره مُقسِما بالليل إذا غَشّى النهار بظلمته ، فأذهب ضوءه ، وجاءت ظُلمته : واللّيْلِ إذَا يَغْشَى النهار والنّهارِ إذا تَجَلّى وهذا أيضا قسم ، أقسم بالنهار إذا هو أضاء فأنار ، وظهر للأبصار ، ما كانت ظلمة الليل قد حالت بينها وبين رؤيته وإيتانه إياها عيانا . وكان قتادة يذهب فيما أقسم الله به من الأشياء أنه إنما أقسم به لعِظَم شأنه عنده ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله وَاللّيْلِ إذَا يَغْشَى والنّهارِ إذَا تَجَلّى قال : آيتان عظيمتان يكوّرهما الله على الخلائق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم سورة الليل .

وهي مكية في قول الجمهور وقال المهدوي وقيل هي مدنية وقيل فيها مدني وعددها عشرون آية بإجماع{[1]}

أقسم الله ب { الليل إذا يغشى } الأرض وجميع ما فيها .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟