تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا} (15)

{ وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا } أي : تبعتها .

وكيف يخاف من هو قاهر ، لا يخرج عن قهره وتصرفه مخلوق ، الحكيم في كل ما قضاه وشرعه ؟

تمت ولله الحمد

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا} (15)

والضمير فى قوله - سبحانه - : { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا } يعود إلى الله - تعالى - أى : ولا يخاف الله - تعالى -عاقبة ما فعله بهؤلاء الطغاة الأشقياء ، لأن الذى يخاف إنما هو المخلوق .

أما الخالق لكل شئ ، فإنه - تعالى - لا يخاف أحدا ، لأنه لا يسأل عما يفعل ، ولأنه - تعالى - هو العادل فى أحكامه ، والضمير فى عقباها ، يعود إلى الفعلة أو إلى الدمدمة .

ومنهم من جعل الضمير فى " يخاف " يعود إلى أشقاها ، أى : أن هذا الشقى قد أسرع إلى عقر الناقة دون أن يخشى سوء عاقبة فعله ، لطغيانه وجهله .

نسأل الله - تعالى - أن يجعلنا جميعا من عباده الصالحين .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا} (15)

وقوله : { وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا } وقرئ : " فلا يخاف عقباها " .

قال ابن عباس : لا يخاف الله من أحد تبعة . وكذا قال مجاهد ، والحسن ، وبكر بن عبد الله المزني ، وغيرهم .

وقال الضحاك والسدي : { وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا } أي : لم يخف{[30151]} الذي عقرها عاقبة ما صنع . والقول الأول أولى ؛ لدلالة السياق عليه ، والله أعلم .

آخر تفسير " والشمس وضحاها " .


[30151]:- (1) في أ: "لم يخف الله".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا} (15)

وقوله : وَلا يَخافُ عقْباها اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معناه : لا يخاف تبعة دَمْدمته عليهم . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَلا يَخافُ عُقْباها قال : لا يخاف اللّهُ من أحد تَبِعَةً .

حدثني إبراهيم بن المستمرّ ، قال : حدثنا عثمان بن عمرو ، قال : حدثنا عمر بن مرثد ، عن الحسن ، في قوله : وَلا يَخاف عُقْباها قال : ذاك ربنا تبارك وتعالى ، لا يخاف تبعةً مما صنع بهم .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن عمرو بن منبه ، هكذا هو في كتابي ، سمعت الحسن قرأ : وَلا يَخافُ عُقْباها قال : ذلك الربّ صنع ذلك بهم ، ولم يخف تبعةً .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : وَلا يَخاف عُقْباها قال : لا يخاف تبعتهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَلا يَخافُ عُقْباها يقول : لا يخاف أن يُتْبَعَ بشيء مما صَنعَ بهم .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَلا يَخافُ عُقْباها قال محمد بن عمرو في حديثه ، قال : الله لا يَخافُ عُقْباها . وقال الحرث في حديثه : الله لا يخاف عقباها .

حدثني محمد بن سنان ، قال : حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا رزين بن إبراهيم ، عن أبي سليمان ، قال : سمعت بكر بن عبد الله المُزَنيّ يقول في قوله : وَلا يَخافُ عُقْباها قال : لا يخاف الله التبعةَ .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولم يخف الذي عقرها عقباها : أي عُقبى فَعْلَتِهِ التي فعل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا جابر بن نوح ، قال : حدثنا أبو رَوْق ، قال : حدثنا الضحاك وَلا يَخافُ عُقْباها قال : لم يَخَفِ الذي عقرها عقباها .

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مِهْران ، عن سفيان ، عن السّدّيّ : وَلا يَخافُ عُقْباها قال : لم يخف الذي عقرها عقباها .

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مِهْران ، عن سفيان ، عن السديّ وَلا يَخافُ عُقْباها قال : الذي لا يخاف الذي صنع ، عُقْبَى ما صنع .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والشام : «فَلا يَخافُ عُقْباها » بالفاء ، وكذلك ذلك في مصاحفهم ، وقرأته عامة قرّاء العراق في المِصْرين بالواو وَلا يَخاف عُقْباها وكذلك هو في مصاحفهم .

والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان معروفتان ، غير مختلفي المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .

واختلفت القرّاء في إمالة ما كان من ذوات الواو في هذه السورة وغيرها ، كقوله : وَالقَمَرِ إذَا تَلاها وَما طَحاها ونحو ذلك ، فكان يفتح ذلك كلّه عامةُ قرّاء الكوفة ، ويُميلون ما كان من ذوات الياء ، غير عاصم والكسائي ، فإن عاصما كان يفتح جميعَ ذلك ، ما كان منه من ذوات الواو وذوات الياء ، لا يُضْجِعُ منه شيئا . وكان الكسائي يكسر ذلك كلّه . وكان أبو عمرو ينظر إلى اتساق رؤوس الاَي ، فإن كانت متسقة على شيء واحد ، أمال جميعَها . وأما عامة قرّاء المدينة ، فإنهم لا يميلون شيئا من ذلك الإمالة الشديدة ، ولا يفتحونه الفتحَ الشديد ، ولكن بين ذلك وأفصح ذلك وأحسنه : أن ينظر إلى ابتداء السورة ، فإن كانت رؤوسها بالياء ، أُجْريَ جميعُها بالإمالة غير الفاحشة ، وإن كانت رؤوسها بالواو ، فتحت وجرى جميعها بالفتح غير الفاحش ، وإذا انفرد نوع من ذلك في موضع ، أميل ذوات الياء الإمالة المعتدلة ، وفتح ذوات الواو الفتح المتوسّط ، وإن أُميلت هذه ، وفُتحت هذه لم يكن لحنا ، غير أن الفصيح من الكلام هو الذي وصفنا صفته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا} (15)

ولا يخاف عقباها أي عاقبة الدمدمة أو عاقبة هلاك ثمود وتبعتها فيبقي بعض الإبقاء والواو للحال وقرأ نافع وابن عامر فلا على العطف .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الشمس فكأنما تصدق بكل شيء طلعت عليه الشمس والقمر .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا} (15)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله : "وَلا يَخافُ عقْباها" اختلف أهل التأويل في معنى ذلك؛

فقال بعضهم : معناه : لا يخاف تبعة دَمْدمته عليهم ... عن الحسن ، في قوله : "وَلا يَخاف عُقْباها" قال : ذاك ربنا تبارك وتعالى ، لا يخاف تبعةً مما صنع بهم ...

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولم يخف الذي عقرها عقباها : أي عُقبى فَعْلَتِهِ التي فعل ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ ولا يخاف عقباها } أي لم يعلم ما يحل به من عقر تلك الناقة ، ولو علم لم يفعل ، ويجوز استعمال الخوف في موضع العلم، لأن الخوف إذا بلغ غايته صار علما. ثم الحكمة في ذكر قصة ثمود وجهان :

أحدهما : أن في ذكرها تثبيت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجد منه الاختلاف إلى من عنده علم الأنباء والأخبار ولا كان يعرف الكتابة لتقع له المعرفة بها ، فثبت أنه بالوحي علم .

والثاني : أن في ذكره تحذيرا لمكذبي الرسل ، فحذروا به ليمتنعوا عن تكذيبه ، فلا يحل بهم ما حل بمكذبي صالح عليه السلام من بأسه وعذابه...

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

والمراد أنه بالغ في عذابهم إلى غاية ليس فوقها غاية ، فإن من يخاف العاقبة لا يبالغ في الفعل ، أما الذي لا يخاف العاقبة ولا تبعة العمل فإنه يبالغ فيه ليصل إلى ما يريد . وقد علمت أن القصص مسوق لتسلية رسوله بأنه سينزل بالمكذبين به مثل ما أنزل بثمود ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

( ولا يخاف عقباها ) . . سبحانه وتعالى . . ومن ذا يخاف ? وماذا يخاف ? وأنى يخاف ? إنما يراد من هذا التعبير لازمة المفهوم منه . فالذي لا يخاف عاقبة ما يفعل ، يبلغ غاية البطش حين يبطش . وكذلك بطش الله كان : إن بطش ربك لشديد . فهو إيقاع يراد إيحاؤه وظله في النفوس . .

وهكذا ترتبط حقيقة النفس البشرية بحقائق هذا الوجود الكبيرة ، ومشاهده الثابتة ، كما ترتبط بهذه وتلك سنة الله في أخذ المكذبين والطغاة ، في حدود التقدير الحكيم الذي يجعل لكل شيء أجلا ، ولكل حادث موعدا ، ولكل أمر غاية ، ولكل قدر حكمة ، وهو رب النفس والكون والقدر جميعا. . .