تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

فأرسل الله عليهم { رِيحًا صَرْصَرًا } أي : شديدة جدا ، { فِي يَوْمِ نَحْسٍ } أي : شديد العذاب والشقاء عليهم ، { مُسْتَمِرٍّ } عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

{ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً . . . } أى : إنا أرسلنا عليهم ريحا شديدة البرودة والقوة ، ذات صوت هائل .

{ فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ } أى : فى يوم مشئوم عليهم ، وشؤمه دائم ومستمر لم ينقطع عنهم حتى دمرهم .

قال ابن كثير : قوله : { مُّسْتَمِرٍّ } أى : مستمر عليهم نحسه ودماره ، لأنه يوم اتصل فيهم عذابهم الدنيوى بالأخروى .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً في أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الخزي فِي الحياة الدنيا وَلَعَذَابُ الآخرة أخزى وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } وإضافة " يوم " إلى " نحس " من إضافة الزمان إلى ما يقع فيه ، كقولهم : يوم فتح خيبر .

والمراد أنه يوم منحوس ومشئوم بالنسبة لهؤلاء المهلكين ، وليس المراد أنه يوم منحوس بذاته ، لأنه الأيام يداولها الله - تعالى - بين النسا ، بمقتضى إرادته وحكمته .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

ثم يجيب . .

كان كما يصفه ذلك الوصف الخاطف الرعيب :

( إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر . تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ) . . والريح الصرصر : الباردة العنيفة . وجرس اللفظ يصور نوع الريح . والنحس : الشؤم . وأي نحس يصيب قوما أشد مما أصاب عاد . والريح تنزعهم وتجذبهم وتحطمهم . فتدعهم كأنهم أعجاز نخل مهشمة مقلوعة من قعورها ? !

والمشهد مفزع مخيف ، وعاصف عنيف . والريح التي أرسلت على عاد " هي من جند الله " وهي قوة من قوى هذا الكون ، من خلق الله ، تسير وفق الناموس الكوني الذي اختاره ؛ وهو يسلطها على من يشاء ، بينما هي ماضية في طريقها مع ذلك الناموس ، بلا تعارض بين خط سيرها الكوني ، وأدائها لما تؤمر به وفق مشيئة الله . صاحب الأمر وصاحب الناموس :

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

و : «الصرصر » قال ابن عباس وقتادة معناه الباردة وهو الصر . وقال جماعة من المفسرين معناه : المصوتة نحو هذين الحرفين مأخوذ من صوت الريح إذا هبت دفعاً ، كأنها تنطق بهذين الحرفين ، الصاد والراء ، وضوعف الفعل كما قالوا : كبكب وكفكف من كب وكب ، وهذا كثير ، ولم يختلف القراء في سكون الحاء من «نحْس » وإضافة اليوم إليه إلا ما روي عن الحسن أنه قرأ : «في يومٍ » بالتنوين و : «نحِس » بكسر الحاء . و { مستمر } معناه : متتابع ، قال قتادة : استمر بهم ذلك النحس حتى بلغهم جهنم . قال الضحاك في كتاب الثعلبي المعنى كان مراً عليهم ، وذكره النقاش عن الحسن ، وروي أن ذلك اليوم الذي كان لهم فيه { نحس مستمر } كان يوم أربعاء ، وورد في بعض الأحاديث في تفسير هذه الآية : { يوم نحس مستمر } : يوم الأربعاء ، فتأول في ذلك بعض الناس أنه يصحب في الزمن كله ، وهذا عندي ضعيف وإن كان الدولابي أبو بشر قد ذكر حديثاً رواه أبو جعفر المنصور عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «آخر أربعاء من الشهر يوم نحس مستمر »{[10775]} ، ويوجد نحو هذا في كلام الفرس والأعاجم ، وقد وجد ذكر الأربعاء التي لا تدور في شعر لبعض الخراسانيين المولدين ، وذكر الثعلبي عن زر بن حبيش في تفسير هذا اليوم لعاد أنه كل يوم أربعاء لا تدور ، وذكره النقاش عن جعفر بن محمد وقال : كان القمر منحوساً بزحل وهذه نزعة سوء عياذاً بالله أن تصح عن جعفر بن محمد .


[10775]:أخرجه وكيع في الغرر، وابن مردويه في التفسير، والخطيب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورمز له السيوطي في (الجامع الصغير) بأنه ضعيف.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِي يَوۡمِ نَحۡسٖ مُّسۡتَمِرّٖ} (19)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم أخبر عن عذابهم، فقال: {إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا} يعني باردة شديدة {في يوم نحس} يعني شديد {مستمر} يقول: استمرت عليهم الريح لا تفتر عنهم سبع ليال، وثمانية أيام حسوما دائمة.

تفسير الشافعي 204 هـ :

قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم قال: حدثنا العلاء بن راشد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ما هبت ريح إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وقال: « اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا، اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا» قال: قال ابن عباس: في كتاب الله عز وجل: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"إنّا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا صَرْصَرا "يقول تعالى ذكره: إنا بعثنا على عاد إذ تمادوا في طغيانهم وكفرهم بالله ريحا صرصرا، وهي الشديدة العصوف في برد، التي لصوتها صرير، وهي مأخوذة من شدة صوت هبوبها إذا سمع فيها كهيئة قول القائل: صرّ، فقيل منه: صرصر...

وقوله: "فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرَ" يقول: في يوم شرّ وشؤم لهم... عن ابن عباس، قوله: "فِي يَوْمِ نَحْسٍ" قال: أيام شداد...

وقوله: "مُسْتَمِر" يقول: في يوم شرّ وشؤم، استمرّ بهم البلاء والعذاب فيه إلى أن وافى بهم جهنم...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{في يومٍ نَحْسٍ مستمرّ} إذ استمر بهم العذاب كما قال الله تعالى: {سبع ليال وثمانية أيام حُسوما} [الحاقة: 7] وقيل: {مستمرّ} أي ذاهب على الصغير والكبير، فلم يبق منهم أحد إلا أهلكته...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{مُسْتَمِرٍّ} عليهم نحسه ودماره، لأنه يوم اتصل فيه عذابهم الدنيوي بالأخروي.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {مستمر}: صفة {نحس}، أي نحس دائم عليهم، فعُلِم من الاستمرار أنه أبادهم إذ لو نجوا لما كان النحس مستمراً. وليس {مستمر} صفة ل {يوم} إذ لا معنى لوصفه بالاستمرار.