تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَالِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (22)

فكأن قومه لم يقبلوا نصحه ، بل عادوا لائمين له على اتباع الرسل ، وإخلاص الدين للّه وحده ، فقال : { وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي : وما المانع لي من عبادة من هو المستحق للعبادة ، لأنه الذي فطرني ، وخلقني ، ورزقني ، وإليه مآل جميع الخلق ، فيجازيهم بأعمالهم ، فالذي بيده الخلق والرزق ، والحكم بين العباد ، في الدنيا والآخرة ، هو الذي يستحق أن يعبد ، ويثنى عليه ويمجد ، دون من لا يملك نفعا ولا ضرا ، ولا عطاء ولا منعا ، ولا حياة ولا موتا ولا نشورا ، ولهذا قال :

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَالِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (22)

ثم أخذ بعد ذلك فى حض قومه على اتباع الحق ، عن طريق بيان الأسباب التى حملته على الإِيمان ، حتى يستثير قلوبهم نحو الهدى ، فقال - كما حكى القرآن عنه - : { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الذي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرحمن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ . إني إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ . إني آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فاسمعون } .

أى : قال الرجل الصالح لقومه : وأى مانع يمنعنى من أن أعبد الله - تعالى - وحده ، لأنه هو الذى خلقنى ولم أكن قبل ذلك شيئا مذكورا ، وهو الذى إليه يكون مرجعكم بعد مماتكم ، فيحاسبكم على أعمالكم فى الدنيا ، ويجازيكم عليها بما تستحقون من ثواب أو عقاب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَالِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (22)

ثم عاد يتحدث إليهم عن نفسه هو وعن أسباب إيمانه ، ويناشد فيهم الفطرة التي استيقظت فيه فاقتنعت بالبرهان الفطري السليم :

ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ? أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون ? إني إذاً لفي ضلال مبين . .

إنه تساؤل الفطرة الشاعرة بالخالق ، المشدودة إلى مصدر وجودها الوحيد . . ( ومالي لا أعبد الذي فطرني ? )وما الذي يحيد بي عن هذا النهج الطبيعي الذي يخطر على النفس أول ما يخطر ? إن الفطر مجذوبة إلى الذي فطرها ، تتجه إليه أول ما تتجه ، فلا تنحرف عنه إلا بدافع آخر خارج على فطرتها . ولا تلتوي إلا بمؤثر آخر ليس من طبيعتها . والتوجه إلى الخالق هو الأولى ، وهو الأول ، وهو المتجه الذي لا يحتاج إلى عنصر خارج عن طبيعة النفس وانجذابها الفطري . والرجل المؤمن يحس هذا في قرارة نفسه ، فيعبر عنه هذا التعبير الواضح البسيط ، بلا تكلف ولا لف ولا تعقيد !

وهو يحس بفطرته الصادقة الصافية كذلك أن المخلوق يرجع إلى الخالق في النهاية . كما يرجع كل شيء إلى مصدره الأصيل . فيقول :

( وإليه ترجعون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَالِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (22)

{ وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي } أي : وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له ، { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي : يوم المعاد ، فيجازيكم على أعمالكم ، إن خيرًا فخير ، وإن شرًّا فشر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَالِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (22)

{ وما لي لا أعبد الذين فطرني } على قراءة غير حمزة فإنه يسكن الياء في الوصل ، تلطف في الإرشاد بإيراده في معرض المناصحة لنفسه وإمحاض النصح ، حيث أراد لهم ما أراد لها والمراد تقريعهم على تركهم عبادة خالقهم إلى عبادة غيره ولذلك قال : { وإليه ترجعون } مبالغة في التهديد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَالِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (22)

قرأ الجمهور «وماليَ » بفتح الياء ، وقرأ الأعمش وحمزة بسكون الياء ، وقد تقدم مثل هذا ، وقوله تعالى : { وما لي } تقرير لهم على جهة التوبيخ في هذا الأمر يشهد العقل بصحته أن من فطر واخترع وأخرج من العدم إلى الوجود فهو الذي يستحق أن يعبد ، ثم أخبرهم بأنهم يحشرون إليه يوم القيامة .