{ ما لِىَ لاَ أَعْبُدُ الذي فَطَرَنِى } تلطف في إرشاد قومه بإيراده في معرض المناصحة لنفسه وإمحاض النصح حيث أراهم أنه اختار لهم ما يختار لنفسه والمراد تقريعهم على ترك عبادة خالقهم إلى عبادة غيره كما ينبئ عنه قوله : { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } مبالغة في تهديدهم بتخويفهم بالرجوع إلى شديد العقاب مواجهة وصريحاً ولو قال : وإليه أرجع كان فيه تهديد بطريق التعريض ، وعد التعبير بإليه ترجعون بعد التعبير بما لي لا أعبد من باب الالتفات لمكان التعريض بالمخاطبين في { مَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ } الخ فيكون المعبر عنه في الأسلوبين واحداً بناءً على ما ذهب إليه الخطب . والسعد التفتازاني من أن التعريض إما مجاز أو كناية وهو ههنا مجاز لامتناع إرادة الموضوع له فيكون اللفظ مستعملاً في غير ما وضع له فيتحد المعبر عنه ، وحقق السيد السند أن المعنى التعريضي من مستتبعات الترتيب واللفظ ليس بمستعمل فيه بل هو بالنسبة إلى المستعمل فيه إما حقيقة أو مجاز أو كناية وعليه فمضير المتكلم في { مَا لِيَ } الخ ليس مستعملاً في المخاطبين فلا يكون المعبر عنه في الأسلوبين واحداً فلا التفات ، وجوز بعضهم كون الآية من الاحتباك والأصل { لِىَ لاَ أَعْبُدُ الذي فَطَرَنِى } وإليه أرجع وما لكم لا تعبدون الذي فطركم وإليه ترجعون فحذف من الأول نظير ما ذكر في الثاني وبالعكس وهو مفوت لما سمعت ، وظاهر كلام الواحدي أنه لا تعريض في الآية حيث قال : لما قال الرجل { يا قوم اتبعوا المرسلين } [ يس : 20 ] الخ رفعوه إلى الملك فقال له الملك : أفأنت تتبعهم ؟ فقال : { مَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الذي فَطَرَنِى } أي أي شيء لي إذا لم أعبد خالقي { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } تردون عند البعث فيجزيكم بكفركم ، ورد عليه بأنه إذا رجع الإنكار إليه دون القوم لم يكن لخطابهم بترجعون معنى وكان الظاهر أرجع . وأجيب بأنه يمكن أن يقال : إن الرجل كان في غيظ شديد من تكذيبهم الرسل وتوعدهم إياهم فانتهز الفرصة للانتقام فلما تمكن من تهديدهم أوقع قوله : { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } في البين أي مالي لا أعبد الذي من على بنعمة الإيجاد ونعمة الانتقام منكم والتشفي من غيظكم إذ ترجعون إليه فيجزيكم بكفركم وتكذيبكم الرسل وعنادكم ، وأنت تعلم أن النظم الجليل لا يساعد على هذا وهو ظاهر فيما تقدم ، وقد عاد إلى المساق الأول من التلطف بالإرشاد فقال :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.