تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} (5)

وأما { الْأَبْرَارِ } وهم الذين برت قلوبهم بما فيها من محبة الله ومعرفته ، والأخلاق الجميلة ، فبرت جوارحهم{[1305]} ، واستعملوها بأعمال البر أخبر أنهم { يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ } أي : شراب لذيذ من خمر قد مزج بكافور أي : خلط به ليبرده ويكسر حدته ، وهذا الكافور [ في غاية اللذة ] قد سلم من كل مكدر ومنغص ، موجود في كافور الدنيا ، فإن الآفة الموجودة في الأسماء التي ذكر الله أنها في الجنة وهي في الدنيا تعدم في الآخرة{[1306]} .

كما قال تعالى : { فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ } { وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ } { لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ } { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ } .


[1305]:- في ب: أعمالهم.
[1306]:- في ب: الموجودة في الدنيا تنعدم من الأسماء التي ذكرها الله في الجنة.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} (5)

ثم بين - سبحانه - ما أعده للمؤمنين الصادقين من خير عميم فقال : { إِنَّ الأبرار يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } .

والأبرار : جمع بَرٍّ أو بَارٍّ . وهو الإِنسان المطيع لله - تعالى - طاعة تامة ، والمسارع فى فعل الخير ، والشاكر لله - تعالى - على نعمه .

والكأس : هو الإِناء الذى توضع فيه الخمر ، ولا يسمى بهذا الاسم إلا إذا كانت الخمر بداخله ، ويصح أن يطلق الكأس على الخمر ذاتها على سبيل المجاز ، من باب تسمية الحال باسم الحال ، وهو المراد هنا . لقوله - تعالى - { كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } و " من " للتبعيض .

والضمير فى قوله { مِزَاجُهَا } يعود إلى الكأس التى أريد بها الخمر ، والمراد " بمزاجها " خليطها من المزج بمعنى الخلط يقال : مزجت الشئ بالشئ ، إذا خلطته به .

والكافور : اسم لسائل طيب الرائحة ، أبيض اللون ، تميل إليه النفوس .

أى : إن المؤمنين الصادقين ، الذين أخلصوا لله - تعالى - الطاعة والعبادة والشكر . . يكافئهم - سبحانه - على ذلك ، بأن يجعلهم يوم القيامة فى جنات عالية ، ويتمتعون بالشراب من خمر ، هذه الخمر كانت مخلوطة بالكافور الذى تنتعش له النفوس ، وتحبه الأرواح والقلوب ، لطيب رائحته ، وجمال شكله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} (5)

ثم يسارع السياق إلى رخاء النعيم :

( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا . عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ) . .

وهذه العبارة تفيد أن شراب الأبرار في الجنة ممزوج بالكافور ، يشربونه في كأس تغترف من عين تفجر لهم تفجيرا ، في كثرة ووفرة . . وقد كان العرب يمزجون كؤوس الخمر بالكافور حينا وبالزنجبيل حينا زيادة في التلذذ بها ، فهاهم أولاء يعلمون أن في الجنة شرابا طهورا ممزوجا بالكافور ، على وفر وسعة . فأما مستوى هذا الشراب فمفهوم أنه أحلى من شراب الدنيا ، وأن لذة الشعور به تتضاعف وترقى ، ونحن لا نملك في هذه الأرض أن نحدد مستوى ولا نوعا للذة المتاع هناك . فهي أوصاف للتقريب . يعلم الله أن الناس لا يملكون سواها لتصور هذا الغيب المحجوب .

والتعبير يسميهم في الآية الأولى( الأبرار )ويسميهم في الآية الثانية ( عباد الله ) . . إيناسا وتكريما وإعلانا للفضل تارة ، وللقرب من الله تارة ، في معرض النعيم والتكريم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} (5)

ولما ذكر ما أعده{[29588]} لهؤلاء الأشقياء من السعير قال بعده : { إِنَّ الأبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا } وقد علم ما في الكافور من التبريد والرائحة الطيبة ، مع ما يضاف إلى ذلك من اللذاذة في الجنة .

قال الحسن : برد الكافور في طيب الزنجبيل ؛ ولهذا قال : { عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا }


[29588]:- (1) في أ: "أعده الله".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} (5)

إن الأبرار جمع بر كأرباب أو بار كأشهاد يشربون من كأس من خمر وهي في الأصل القدح تكون فيه كان مزاجها ما يمزج بها كافورا لبرده وعذوبته وطيب عرفه وقيل اسم ماء في الجنة يشبه الكافور في رائحته وبياضه وقيل يخلق فيها كيفيات الكافور فتكون كالممزوجة به .