{ 41-45 } { وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ }
أي : { وَاسْتَمِعْ } بقلبك نداء المنادي وهو إسرافيل عليه السلام ، حين ينفخ في الصور { مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ } من الخلق{[839]} .
ثم أمر - سبحانه - رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يلقى سمعه لما يخبره به - تعالى - من أهوال يوم القيامة فقال : { واستمع } والمستمع إليه محذوف للتهويل والتعظيم . . أى : واستمع - أيها الرسول الكريم - أو أيها العاقل - لما سأخبرك به من أهوال يوم القيامة .
ثم بين - سبحانه - ذلك فقال : { يَوْمَ يُنَادِ المناد مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } .
أى : استمع استماع تنبيه وتيقظ يوم يناد المناد وهو إسرافيل - عليه السلام - من كان قريب بحيث يسمع نداءه الناس جميعا . .
قال ابن كثير : قال قتادة : قال كعب الأحبار : يأمر الله ملكا أن ينادى على صخرة بيت المقدس : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء .
وفى ورود الأمر بالاستماع مطلقا ، ثم توضيحه بما بعده ، تهويل وتعظيم للمخبر به ، لما فى الإِبهام ، ثم التفسير ، من التهويل والتفخيم لشأن المحدث عنه .
ثم . . لمسة جديدة ترتبط كذلك بالصفحة الكونية المعروضة . . اصبر وسبح واسجد . وأنت في حالة انتظار وتوقع للأمر الهائل الجلل ، المتوقع في كل لحظة من لحظات الليل والنهار . لا يغفل عنه إلا الغافلون . الأمر الذي تدور عليه السورة كلها ، وهو موضوعها الأصيل :
( واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب . يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج . إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير . يوم تشقق الأرض عنهم سراعا . ذلك حشر علينا يسير ) . .
وإنه لمشهد جديد مثير ، لذلك اليوم العسير . ولقد عبر عنه أول مرة في صورة أخرى ومشهد آخر في قوله : ( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد . وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد . . )الخ .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصّيْحَةَ بِالْحَقّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واستمع يا محمد صيحة يوم القيامة ، يوم ينادي بها منادينا من موضع قريب . وذُكر أنه ينادي بها من صخرة بيت المقدس . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ بن سهل ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن بشر ، عن قتادة ، عن كعب ، قال : وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِي المُنادِي مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ قال مَلك قائم على صخرة بيت المقدس ينادِي : أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء .
حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد عن قتادة وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِي المُنادِي مِنْ مَكانٍ قَرِيب قال : كنا نحدّث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة ، وهي أوسط الأرض .
وحُدّثنا أن كعبا قال : هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة يَوْمَ يُنادِي المُنادِي مِنْ مَكانٍ قَرِيب قال : بلغني أنه ينادي من الصخرة التي في بيت المقدس .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِي المُنادِي مِنْ مَكانٍ قَرِيب قال : هي الصيحة .
حدثني عليّ بن سهل ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : ثني بعض أصحابنا ، عن الأغرّ ، عن مسلم بن حيان ، عن ابن بُريدة ، عن أبيه بريدة ، قال : مَلك قائم على صخرة بيت المقدس ، واضع أصبعيه في أُذنيه ينادي ، قال : قلتُ : بماذا ينادي ؟ قال : يقول يا أيها الناس هلموا إلى الحساب قال : فيقبلون كما قال الله كأنّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ .
قوله تعالى : { واستمع } بمنزلة ، وانتظر ، وذلك أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يؤمر بأن يستمع في يوم النداء ، لأن كل من فيه يستمع وإنما الآية في معنى الوعيد للكفار ، وقيل لمحمد تحسس وتسمع هذا اليوم وارتقبه ، وهذا كما تقول لمن تعده بورود فتح استمع كذا وكذا ، أي كن منتظراً له مستمعاً ، وعلى هذا فنصب { يوم } إنما هو على المفعول الصريح .
وقرأ ابن كثير : «المنادي » بالياء في الوصل والوقف على الأصل الذي هو ثبوتها ، إذ الكلام غير تام وإنما الحذف ابداً في الفواصل ، والكلام التام تشبيهاً بالفواصل . وقرأ أبو عمرو ونافع ، بالوقف بغير ياء لأن الوقف موضع تغيير ، ألا ترى أنها تبدل من التاء فيه الهاء في نحو طلحة وحمزة ، ويبدل من التنوين الألف ويضعف فيه الحرف كقولك هذا فرج ، ويحذف فيه الحرف في القوافي ، وقرأ الباقون وطلحة والأعمش وعيسى بحذف الياء في الوصل والوقف جميعاً وذلك اتباع لخط المصحف ، وأيضاً فإن الياء تحذف مع التنوين فوجب أن تحذف مع معاقب التنوين وهي الألف واللام .
وقوله تعالى : { من مكان قريب } قيل وصفه بالقرب من حيث يسمع جميع الخلق . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أن ملكاً ينادي من السماء : أيتها الأجسام الهامدة والعظام البالية والرمم الذاهبة ، هلم إلى الحساب والوقوف بين يدي الله تعالى »{[10574]} . وقال كعب الأحبار وقتادة وغيرهما : المكان صخرة بيت المقدس واختلفوا في معنى صفته بالقرب فقال قوم : وصفها بذلك لقربها من النبي صلى الله عليه وسلم أي من مكة . وقال كعب الأحبار : وصفه بالقرب من السماء ، وروي أنها أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً ، وهذا الخبر إن كان بوحي ، وألا سبيل للوقوف على صحته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.