ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ، بأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ، أنه لا يريد من وراء دعوته عرضا زائلا من أعراض الدنيا فقال { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ المتكلفينِ } : أى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء المشركين وغيرهم : إنى لا أسألكم أجرا على تبليغكم ما أمرنى الله بتبليغه إليكم ، وما أنا من الذين يتكلفون ويتصنعون القول أو الفعل الذى لا يحسنونه ، بل أنا رسول من عند الله وصادق فيما أبلغه عنه .
وفي نهاية الشوط وختام السورة يكلف الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] أن يلقي إليهم بالقول الأخير :
قل : ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين . إن هو إلا ذكر للعالمين . ولتعلمن نبأه بعد حين . .
إنها الدعوة الخالصة للنجاة ، بعد كشف المصير وإعلان النذير . الدعوة الخالصة التي لا يطلب صاحبها أجراً وهو الداعية السليم الفطرة ، الذي ينطق بلسانه ، لا يتكلف ولا يتصنع ، ولا يأمر إلا بما يوحي منطق الفطرة القريب .
يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : ما أسألكم على هذا البلاغ وهذا النصح أجرا تعطونيه من عرض الحياة الدنيا { وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } أي : وما أزيد على ما أرسلني الله به ، ولا أبتغي زيادة عليه بل ما أمرت به أديته لا أزيد عليه ولا أنقص منه وإنما أبتغي بذلك وجه الله عز وجل والدار الآخرة .
قال سفيان الثوري عن الأعمش ومنصور عن أبي الضحى عن مسروق قال : أتينا عبد الله بن مسعود قال : يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ومن لا يعلم فليقل : الله أعلم فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم : الله أعلم فإن الله قال لنبيكم صلى الله عليه وسلم : { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } أخرجاه من حديث الأعمش به .
وقوله : ( قُلْ ما أسأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ) : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لمشركي قومك ، القائلين لك أأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذّكْرُ مِنْ بَيْنِنا : ما أسألكم على هذا الذكر وهو القرآن الذي أتيتكم به من عند الله أجرا ، يعني ثوابا وجزاء وما أنا مِنَ المُتَكَلّفِينَ يقول : وما أنا ممن يتكلف تخرّصَه وافتراءه ، فتقولون : إنْ هَذَا إِلاّ إفْكٌ افَتَراهُ و إنْ هَذَا إلاّ اخْتِلاَقٌ كما :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : قُلْ ما أسألُكُمْ عَلَيهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أنا مِنَ المُتَكَلّفِينَ قال : لا أسألكم على القرآن أجرا تعطوني شيئا ، وما أنا من المتكلفين أتخرّص وأتكلف ما لم يأمرني الله به .
ثم أمر تعالى نبيه أن يخبرهم بأنه ليس بسائل أجر ولا مال ، وأنه ليس ممن يتكلف ما لم يجعل إليه ولا يتحلى بغير ما هو فيه . وقال الحسين بن الفضل : هذه الآية ناسخة لقوله : { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى } [ الشورى : 23 ] وقال الزبير بن العوام : نادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر للذين لا يدعون ولا يتكلفون ، ألا إني بريء من التكلف ، وصالحو أمتي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.