التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُتَكَلِّفِينَ} (86)

المتكلف : الفضولي الذي يحمل نفسه مهمة لم يحملها . وقال الزمخشري : معنى الجملة : ولست من المتصنعين الذين يتحلون بما ليسوا من أهله ، ويدعون ما ليس عندهم . وقال ابن كثير : لا أبلغ إلا ما أمرت به بدون زيادة ولا نقص . وقال الطبري : لست ممن يتكلف تخرصه وافتراءه .

{ قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين } : الآيات متصلة بالسياق والموقف . وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيها بتوجيه الكلام للسامعين وبخاصة للكفار الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الآيات السابقة بتوجيه الكلام إليهم . وقد جاءت ختاما قويا للسورة ، واستهدفت توكيد الإنذار للكفار وتوكيد صدق الرسالة النبوية وإيذانا بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو منتدب لأداء مهمة ، وليس مندفعا فيها بالفضول ولا متصنعا ولا زائدا ولا منقصا وليس متوخيا منها أجرا ولا منفعة ، وإن هذا الذي يبلغه عن الله هو ذكر للعالمين أجمع ولسوف يتحققون مصداقه ومداه . والمتبادر أن الآيات قد استهدفت فيما استهدفته تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته في الوقت نفسه .

التلقين المنطوي في جملة { وما أنا من المتكلفين } وما روي في سياقها

وفي الأمر الرباني للنبي صلى الله عليه وسلم بالإعلان بأنه ليس من المتكلفين تلقين تأديبي رفيع للمسلمين بأن لا يتصفوا بما ليس لهم علم وبأن لا يكونوا فضوليين فيما ليس فيه مصلحة وفائدة . ولقد روى الزمخشري في سياق الجملة حديثا مرفوعا رواه البيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف المتكلف ونصه : ( للمتكلف ثلاث علامات : ينازع من فوقه ، ويتعاطى ما لا ينال ، ويقول ما لا يعلم ) وروى البخاري والترمذي في سياقها كذلك حديثا عن عبد الله بن مسعود جاء فيه : ( يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ، ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم ، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم : الله أعلم . قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين } . وهذا يتساوق مع ذلك التلقين التأديبي الرفيع الذي انطوى في الجملة القرآنية .