تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (58)

وإن كانت أذية المؤمنين عظيمة ، وإثمها عظيمًا ، ولهذا قال فيها : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } أي : بغير جناية منهم موجبة للأذى { فَقَدِ احْتَمَلُوا } على ظهورهم { بُهْتَانًا } حيث آذوهم بغير سبب { وَإِثْمًا مُبِينًا } حيث تعدوا عليهم ، وانتهكوا حرمة أمر اللّه باحترامها .

ولهذا كان سب آحاد المؤمنين ، موجبًا للتعزير ، بحسب حالته وعلو مرتبته ، فتعزير من سب الصحابة أبلغ ، وتعزير من سب العلماء ، وأهل الدين ، أعظم من غيرهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (58)

وبعد هذا الوعيد الشديد لمن آذى الله ورسوله ، جاء وعيد آخر لمن آذى المؤمنين والمؤمنات ، فقال - تعالى - : { والذين يُؤْذُونَ المؤمنين والمؤمنات بِغَيْرِ مَا اكتسبوا فَقَدِ احتملوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } .

أى : والذين يرتكبون فى حق المؤمنين والمؤمنات ما يؤذيهم فى أعراضهم أو فى أنفسهم أو فى غير ذلك مما يتعلق بهم ، دون أن يكون المؤمنون أو المؤمنات قد فعلوا ما يوجب أذاهم . .

{ فَقَدِ احتملوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } أى : فقد ارتكبوا إثما شنيعا ، وفعلا قبيحا ، وذنبا ظاهرا بينا ، بسبب إذائهم للمؤمنين والمؤمنات .

وقال - سبحانه - هنا { بِغَيْرِ مَا اكتسبوا } ولم يقل ذلك فى الآية السابقة عليها ، لأن الناس بطبيعتهم يدفع بعضهم بعضا ، ويعتدى بعضهم على بعض ، ويؤذى بعضهم بعضا ، أما الله - تعالى - ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا تصور منهما ذلك .

وجمع - سبحانه - فى ذمهم بين البهتان والاثم المبين ، للدلالة على فظاعة ما ارتكبوه فى حق المؤمنين والمؤمنات ، إذ البهتان هو الكذب الصرحي الذى لا تقبله العقول ، بل يحيرها ويدهشا لشدته وبعده عن الحقيقة .

والإِثم المبين : هو الذنب العظيم الظاهر البين ، الذى لا يخفى قبحه على أحد .

روى ابن أبى حاتم عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " " أى الربا أربى عند الله ؟

قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : أربى الربا عند الله ، استحلال عرض امرئ مسلم " " ثم قرأ صلى الله عليه وسلم هذه الآية .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (58)

49

ويستطرد كذلك إلى إيذاء المؤمنين والمؤمنات عامة . إيذاؤهم كذبا وبهتانا ، بنسبة ما ليس فيهم إليهم من النقائص والعيوب :

( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ، فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) . .

وهذا التشديد يشي بأنه كان في المدينة يومذاك فريق يتولى هذا الكيد للمؤمنين والمؤمنات ، بنشر قالة السوء عنهم ، وتدبير المؤامرات لهم ، وإشاعة التهم ضدهم . وهو عام في كل زمان وفي كل مكان . والمؤمنون والمؤمنات عرضة لمثل هذا الكيد في كل بيئة من الأشرار المنحرفين ، والمنافقين ، والذين في قلوبهم مرض . والله يتولى عنهم الرد على ذلك الكيد ، ويصم أعداءهم بالإثم والبهتان . وهو أصدق القائلين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (58)

وقوله : وَالّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ كان مجاهد يوجه معنى قوله يُؤْذُونَ إلى يقفون . ذكر الرواية بذلك عنه :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَالّذِينَ يُؤْذُونَ قال : يقفون .

فمعنى الكلام على ما قال مجاهد : والذين يقفون المؤمنين والمؤمنات ، ويعيبونهم طلبا لشينهم بغَيْرِ ما اكْتَسَبُوا يقول : بغير ما عملوا ، كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : بغَيْرِ ما اكْتَسَبُوا قال عملوا .

حدثنا نصر بن عليّ ، قال : حدثنا عثام بن عليّ ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : قرأ ابن عمر : وَالّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ ما اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتانا وإثْما مُبِينا قال : فكيف إذا أوذي بالمعروف ، فذلك يضاعف له العذاب .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثام بن عليّ ، عن الأعمش ، عن ثور ، عن ابن عمر وَالّذِينَ يُؤْذون المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ ما اكْتَسَبُوا قال : كيف بالذي يأتي إليهم المعروف .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَالّذِينَ يُؤْذونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ ما اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتانا وإثْما مُبيِنا فإياكم وأذى المؤمن ، فإن الله يحوطه ، ويغضب له .

وقوله : فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتانا وإثْما مُبِينا يقول : فقد احتملوا زورا وكذبا وفرية شنيعة وبهتان : أفحش الكذب وإثْما مُبِينا يقول : وإثما يبينُ لسامعه أنه إثم وزور .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (58)

{ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا } بغير جناية استحقوا بها الإيذاء

{ فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا } ظاهرا . قيل إنها نزلت في منافقين كانوا يؤذون عليا رضي الله عنه ، وقيل في أهل الإفك ، وقيل في زناة كانوا يتبعون النساء وهن كارهات .