إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (58)

{ والذين يُؤْذُونَ المؤمنين والمؤمنات } يفعلونَ بهم ما يتأذون به من قولٍ أو فعلٍ . وتقييدُه بقولِه تعالى : { بِغَيْرِ مَا اكتسبوا } أي بغيرِ جنايةٍ يستحقُّون بها الأذيةَ بعد إطلاقِه فيما قبلَه للإيذانِ بأنَّ أذى الله ورسولِه لا يكونُ إلا غيرَ حقَ وأما أَذَى هؤلاءِ فَمنُه ومنه { فَقَدِ احتملوا بهتانا وَإِثْماً مُّبِيناً } أي ظَاهراً بيّناً قيل : إنَّها نزلتْ في مُنافقينَ كانُوا يؤُذون علياً رضيَ الله عنْهُ ويُسمعونَهُ ما لا خيرَ فيه ، وقيلَ : في أهلِ الإفكِ ، وقال الضحَّاكُ والكلبيُّ : في زُناةٍ يتَّبعونَ النِّساءَ إذَا برزنَ بالليَّلِ لقضاءِ حوائجهنَّ . وكانُوا لا يتعرَّضُون إلاَّ للإماءِ ولكنْ رُبَّما كانَ يقعُ منهم التَّعرُّضُ للحرائرِ أيضاً جَهْلاً أو تجاهُلاً لاتحادِ الكلِّ في الزيِّ واللِّباسِ . والظاهرُ عمومُه لكلِّ ما ذُكر ولمَا سيأتِي من أراجيفِ المُرجفينَ .