فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (58)

ثم لما فرغ من الذمّ لمن آذى الله ورسوله ذكر الأذية لصالحي عباده ، فقال : { والذين يُؤْذُونَ المؤمنين والمؤمنات } بوجه من وجوه الأذى من قول أو فعل ، ومعنى { بِغَيْرِ مَا اكتسبوا } أنه لم يكن ذلك لسبب فعلوه يوجب عليهم الأذية ويستحقونها به ، فأما الأذية للمؤمن والمؤمنة بما كسبه مما يوجب عليه حدّاً أو تعزيراً أو نحوهما ، فذلك حق أثبته الشرع ، وأمر أمرنا الله به وندبنا إليه ، وهكذا إذا وقع من المؤمنين والمؤمنات الابتداء بشتم لمؤمن أو مؤمنة أو ضرب ، فإن القصاص من الفاعل ليس من الأذية المحرّمة على أيّ وجه كان ، ما لم يجاوز ما شرعه الله . ثم أخبر عما لهؤلاء الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ، فقال : { فَقَدِ احتملوا بهتانا وَإِثْماً مُّبِيناً } أي ظاهراً واضحاً لا شك في كونه من البهتان والإثم ، وقد تقدّم بيان حقيقة البهتان وحقيقة الإثم .

/خ58