الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ بِغَيۡرِ مَا ٱكۡتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (58)

أخرج الفريابي وابن سعد في الطبقات وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات } قال : يقعون { بغير ما اكتسبوا } يقول : بغير ما علموا { فقد احتملوا بهتاناً } قال : إثماً .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : يلقى الجرب على أهل النار ، فيحكون حتى تبدو العظام ، فيقولون : ربنا بم أصابنا هذا ؟ فيقال : بأذاكم المسلمين .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : إياكم وأذى المؤمنين فإن الله يحوطهم ، ويغضب لهم ، وقد زعموا أن عمر بن الخطاب قرأها ذات يوم ، فأفزعه ذلك حتى ذهب إلى أُبي بن كعب رضي الله عنه ، فدخل عليه فقال : يا أبا المنذر إني قرأت آية من كتاب الله تعالى فوقعت مني كل موقع { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات } والله إني لأعاقبهم وأضربهم فقال له : إنك لست منهم ، إنما أنت معلم .

وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : إني لأبغض فلاناً ، فقيل للرجل : ما شأن عمر رضي الله عنه يبغضك ! فلما أكثر القوم في الذكر جاء فقال : يا عمر أفتقت في الإِسلام فتقاً ؟ قال : لا . قال : فجنيت جناية ؟ قال : لا . قال : أحدثت حدثاً ؟ قال : لا . قال : فعلام تبغضني وقد قال الله { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً } ؟ ! فقد آذيتني فلا غفرها الله لك . فقال عمر رضي الله عنه : صدق والله ما فتق فتقاً ، ولا ولا فاغفرها لي ، فلم يزل به حتى غفرها له .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنهما { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات } إلى قوله { وإثماً مبيناً } قال : فكيف بمن أحسن إليهم يضاعف لهم الأجر .

وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن عبد الله بن يسر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « ليس منَّا ذو حسد ، ولا نميمة ، ولا خيانة ، ولا إهانة ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات . . . } » .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه « أي الربا أربى عند الله ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم ، ثم قرأ { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا . . } » .