تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

{ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا }{[1433]}  أي : آمنوا بقلوبهم بما يجب الإيمان به ، وعملوا الصالحات بجوارحهم . من كل قول{[1434]}  وفعل واجب أو مستحب . { وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } على طاعة الله وعن معصيته ، وعلى أقدار المؤلمة بأن يحث بعضهم بعضًا على الانقياد لذلك ، والإتيان به كاملًا منشرحًا به الصدر ، مطمئنة به النفس .

{ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ } للخلق ، من إعطاء محتاجهم ، وتعليم جاهلهم ، والقيام بما يحتاجون إليه من جميع الوجوه ، ومساعدتهم على المصالح الدينية والدنيوية ، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه .


[1433]:- سبق قلم الشيخ فزاد في الآية "وعملوا الصالحات" فحذفت الزيادة في الآية وأبقيت التفسير.
[1434]:- في ب: فدخل في هذا كل قول.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

وقوله - تعالى - : { ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بالصبر وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة } معطوف على قوله - تعالى - قبل ذلك : { فَلاَ اقتحم العقبة . . . } .

و " ثم " هنا للتراخى الرتبى ، للدلالة على أن ما بعدها أصل لقبول ما قبلها .

والمعنى : هلا كان هذا الإِنسان ممن فكوا الرقاب ، وأطعموا لليتامى والمساكين . . ثم كان - فضلا عن كل ذلك - من الذين آمنوا بالله - تعالى - إيمانا حقا ، وممن أوصى بعضهم بعضا بفضيلة الصبر ، وفضيلة التراحم والتعاطف .

لقد كان من الواجب عليه . . لو كان عاقلا - أن يكون من المؤمنين الصادقين ، ولكنه لتعاسته وشقائه وغروره ، لم يكن كذلك ، لأنه لا هو اقتحم العقبة ، ولا هو آمن . .

وخص - سبحانه - من أوصاف المؤمنين تواصيهم بالصبر ، وتواصيهم بالمرحمة ، لأن هاتين الصفتين على رأس الصفات الفاضلة بعد الإِيمان بالله - تعالى - .