الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

ثم قال تعالى {[75914]} : ( ثم كان من الذين ءامنوا وتواصوا بالصبر ) {[75915]} .

قيل : " ثم " بمعنى " الواو " . والمعنى : وكان من الذين آمنوا [ بفعله ] {[75916]} هذه الخصال .

وقيل : " ثم " على بابها والمعنى : ثم ضم الإيمان إلى هذا الفعل الذي يفعله المسلم وغيره ، لأن فك الرقاب وإطعام الطعام شيء يفعله المشرك كما يفعله المسلم ، فإذا ضم الإيمان معه كان نافعا [ له ] {[75917]} وقيل : المعنى على هذا ، و " ثم " بمعنى الواو .

وقيل : المعنى : ثم كان من الذين يؤمنون أن [ هذا ] {[75918]} نافعهم عند الله {[75919]} [ ففعله ] {[75920]} إنما كان وهو مؤمن بالله ، ولم يفعله وهو غير مؤمن ثم آمن ، إنما فعله وهو مؤمن ثم ( آمن ) {[75921]} بعد فعله أنه نافعه {[75922]} ، " فثم " على بابه ، فتقديره ثم كان من الذين/ ءامنوا [ بنفع ] {[75923]} ما يفعلون من البر لهم عند الله . ( وتواصوا بالصبر ) أي : وتواصوا بالدوام على ذلك الفعل ( و ) {[75924]} على أنه نافعهم عند الله .

وقيل : بالصبر على ما نالهم {[75925]} في ذات الله {[75926]} .

وقال ( الفضيل ) {[75927]} : بالصبر عن معاصي الله وقيل : معنى {[75928]} ( ثم كان من الذين آمنوا ) ثم أخبرهم {[75929]} بهذا .

( ومعنى ) {[75930]} الكلام أنك تقول : " أحسنت إلى فلان ( وفعلت به ) {[75931]} ثم هو يذمني ، فليس إخبارك {[75932]} بذمه {[75933]} لك كان بعد قولك الآن ، إنما هو شيء كان قبل إخبارك الآن بما فعلت به من الإحسان ، فذمه لك وقع بعد إحسانك إليه و [ قبل " {[75934]} إخبارك الآن {[75935]} .

فالإيمان في الآية ثابت {[75936]} قبل فعله ما تقتحم {[75937]} به العقبة وإن كان الإخبار وقع عند بعد ذكر الاقتحام {[75938]} ، وقيل : معناه : ثم ثبت على الإيمان ففعله كان أولا {[75939]} ، وهو مؤمن ثم ثبت على الإيمان ولم يبدله {[75940]} .

وقوله : ( وتواصوا بالمرحمة ) قال ابن عباس : " بمرحمة {[75941]} الناس " {[75942]} .


[75914]:ث: وقوله تعالى.
[75915]:ساقط من أ.
[75916]:م: نفعله.
[75917]:زيادة من أ، ث.
[75918]:ساقط من ث: م.
[75919]:حكاه القرطبي في تفسيره: 20/71 والشوكاني في فتح القدير 5/445.
[75920]:م: فعله.
[75921]:ساقط من أ.
[75922]:أ: بعد فعله أنه لما فعله وهو مؤمن.
[75923]:ث: ما لهم.
[75924]:ساقط من أ.
[75925]:ث: مالهم.
[75926]:هو قول الطبري في جامع البيان 30/206 وفيه: "... على ما نابهم...".
[75927]:ساقط من أ. وهو أبو علي الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي الزاهد، إمام في الحديث، سمع سليمان التيمي والأعمش وروى عنه الشافعي وابن المبارك ت: 187 هـ بمكة. قال النووي: "أجمعوا على توثيقه والاحتجاج به وصلاحه وزهده وورعه" تهذيب الأسماء 2/51. وانظر صفة الصفوة 2/134، وطبقات الحفاظ: 104.
[75928]:أ: المعنى.
[75929]:أ: أخبركم.
[75930]:ساقط من أ.
[75931]:تكررت في ث.
[75932]:في متن أ: اخباره، وفي هامشها: أطقه.
[75933]:أ: فذمه.
[75934]:م: قيل.
[75935]:أ: وإن كان قبل إخبارك الآن.
[75936]:أ: ثابتة.
[75937]:أ: يقتحم، ث: اقتحم.
[75938]:أ: وإن كان الإخبار عنه وقع بعد ذلك الاقتحام.
[75939]:أ: أولا كان.
[75940]:هو قول النحاس في إعراب 5/233 وحكاه ابن الأنباري في إعرابه 2/515.
[75941]:أ: بالمرحلة.
[75942]:انظر جامع البيان 30/206.