اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

قوله : { ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ } . التراخي في الإيمان ، وتباعده في المرتبة والفضيلة عن العتق والصدقة ، لا في الوقت ؛ لأن الإيمان هو السابق ، ولا يثبت عمل إلاَّ به .

قاله الزمخشري{[60249]} وقيل : المعنى : ثُمَّ كان في عاقبة أمره من الذين وافوا الموت على الإيمان ؛ لأنَّ الموافاة عليه شرط في الانتفاع بالطَّاعات .

وقيل : التراخي في الذكر .

قال المفسرون : معناه أنه لا يقتحم العقبة من فك رقبته ، أو أطعم في يوم ذي مسغبة ، حتى يكون من الذين آمنوا ، أي : صدقوا ، فإنّ شرط قبول الطاعات الإيمان بالله تعالى ، فالإيمان بعد الإنفاق لا ينفع ، قال تعالى في المنافقين : { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله } [ التوبة : 54 ] .

وقيل : { ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ } أي : فعل هذه الأشياء وهو مؤمن ثم بقي على إيمانه حتى الوفاة [ فيكون المعنى : ثم كان مع تلك الطاعات من الذين آمنوا ]{[60250]} ، نظيره قوله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهتدى } [ طه : 82 ] .

وقيل : المعنى : ثم كان من الذين يؤمنون بأن هذا نافع لهم عند الله تعالى .

وقيل : أتى بهذه القرب لوجه الله - تعالى - ثم آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم .

وقيل : إن «ثُمَّ » بمعنى : الواو ، أي : وكان هذا المعتق للرقبة ، والمطعم في المسغبةِ ، من الذين آمنوا .

قوله : { وَتَوَاصَوْاْ بالصبر } ، أي : أوصى بعضهم بعضاً على طاعة الله ، وعن معاصيه ، وعلى ما أصابهم من البلاء والمصائب ، { وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة } ، أي : بالرحمة على الخلق فإنَّهم إذا فعلوا ذلك ، رحموا اليتيم والمسكين .


[60249]:ينظر: الكشاف 4/757.
[60250]:سقط من: ب.