تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

وقوله : { ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا }{[30115]} أي : ثم هو مع هذه الأوصاف الجميلة الطاهرة {[30116]}

مؤمنٌ بقلبه ، محتسب ثواب ذلك عند الله عز وجل . كما قال تعالى : { وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا } [ الإسراء : 19 ] وقال { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ } الآية{[30117]} [ النحل : 97 ] .

وقوله : { وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ } أي : كان من المؤمنين العاملين صالحا ، المتواصين بالصبر على أذى الناس ، وعلى الرحمة بهم . كما جاء في الحديث : " الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " {[30118]} وفي الحديث الآخر : " لا يَرْحَم اللهُ من لا يَرْحَم الناس " {[30119]} .

وقال أبو داود : حدثنا [ أبو بكر ]{[30120]} بن أبي شيبة ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نَجِيح ، عن ابن عامر{[30121]} عن عبد الله بن عَمْرو - يرويه - قال : " من لم يَرْحم صغيرنا ويَعْرِف حَقَّ كبيرنا ، فليس منا " {[30122]} .


[30115]:- (5) في م: "آمنوا وعملوا الصالحات".
[30116]:- (6) في أ: "الظاهرة".
[30117]:- (1) في م: "الآيات".
[30118]:- (2) رواه الإمام أحمد في المسند (2/160) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
[30119]:- (3) رواه مسلم في صحيحه برقم (2319) من حديث جرير رضي الله عنه.
[30120]:- (4) زيادة من أ.
[30121]:- (5) في أ: "جابر".
[30122]:- (6) سنن أبي داود برقم (4943).