تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَـٰٓئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞۖ فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرۡنَٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (36)

{ 36 - 37 } { وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }

هذا دليل على أن الشعائر عام في جميع أعلام الدين الظاهرة . وتقدم أن الله أخبر أن من عظم شعائره ، فإن ذلك من تقوى القلوب ، وهنا أخبر أن من جملة شعائره ، البدن ، أي : الإبل ، والبقر ، على أحد القولين ، فتعظم وتستسمن ، وتستحسن ، { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } أي : المهدي وغيره ، من الأكل ، والصدقة ، والانتفاع ، والثواب ، والأجر ، { فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا } أي : عند ذبحها قولوا " بسم الله " س واذبحوها ، { صَوَافَّ } أي : قائمات ، بأن تقام على قوائمها الأربع ، ثم تعقل يدها اليسرى ، ثم تنحر .

{ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا } أي : سقطت في الأرض جنوبها ، حين تسلخ ، ثم يسقط الجزار جنوبها على الأرض ، فحينئذ قد استعدت لأن يؤكل منها ، { فَكُلُوا مِنْهَا } وهذا خطاب للمهدي ، فيجوز له الأكل من هديه ، { وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ } أي : الفقير الذي لا يسأل ، تقنعا ، وتعففا ، والفقير الذي يسأل ، فكل منهما له حق فيهما .

{ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ } أي : البدن { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } الله على تسخيرها ، فإنه لولا تسخيره لها ، لم يكن لكم بها طاقة ، ولكنه ذللها لكم وسخرها ، رحمة بكم وإحسانا إليكم ، فاحمدوه .